Путешествие в мысли Заки Наджиба Махмуда
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Жанры
واستمر مفكرنا في هذا التشريع العقلي لحياتنا الاجتماعية، حتى بعد عودته إلى مصر في خريف عام 1947م، فأخذ يدعو قومه إلى الأخذ بثقافة العصر، التي تقضي بتعديل سلم القيم من ناحية، والأخذ بالمنهج العلمي من ناحية أخرى؛ ومن هنا فقد واصل مقالاته الأدبية «لعلها تنسف جزءا من ألف جزء من الإطار الثقافي العتيق الذي كنا وما نزال نعيش فيه «فكتب مجموعة جديدة من المقالات على مدى ثلاث سنوات، جمعت، بعد ذلك، في كتابين الأول هو «شروق من الغرب» (صدر عام 1951م)، والثاني هو: «... والثورة على الأبواب» الذي صدر عام 1955م (وقد أطلق عليه في الطبعة الثانية عام 1983، اسم «الكوميديا الأرضية») في الكتاب الأول دعوة إلى الأخذ بثقافة الغرب؛ فالغرب هو «العصر» لأنه صنع حضارة عصرنا، وقد وصف هذه الدعوة، فيا بعد، بأنها كانت «أحادية الجانب»؛ لأنها أثبتت جانبا وأهملت جانبا آخر، اهتمت «بالمعاصرة» وأغفلت «الأصالة»، وهو نقص سوف يصححه في أوائل السبعينيات، ومع ذلك فإن علينا أن نحذر المغالاة في تصوير هذا النقص كما يفعل بعض الباحثين أحيانا، وعلينا أن نتذكر دائما ما يقوله مفكرنا نفسه: «لم تكن دعوتي إلى ثقافة الغرب صيحة مجنونة مفتونة بمظاهر كاذبة، بل هي دعوة دفعني إليها ما رأيته من مكانة رفيعة للإنسان، كل إنسان، وأي إنسان، من حيث هو إنسان وكفى، فعندئذ قارنت، رغم أنفي، بين ما رأيته هناك، وما كنت أعلمه عن قيمة الإنسان في ثقافتنا المصرية كيف تعلو وتهبط مع درجات السلطة، والنفوذ، والثراء، ونوع العمل ... فهل كان يمكن أن أرى ذلك الفارق الشاسع بين الثقافتين ... دون أن أدعو إلى الأخذ بكل ما من شأنه أن يكسب الإنسان كرامته ...؟!»
12
لا سيما بعد أن ديست حقوق الإنسان تحت أقدام الأقوياء.
13
أما الكتاب الثاني فهو استمرار للحملة العنيفة التي شنها مفكرنا على القيم الاجتماعية في بلادنا؛ إذ تدور أولى مقالاته على قسمة المجتمع إلى «سادة» يعيشون فوق قمة الجبل «الذي يعلو بقمته على مستوى السحاب، وبقية الشعب الذي يعيش عند سفح الجبل ...» ويصور بسخرية لاذعة كيف يدخل «السادة» في مناقشات لا تنقطع حول مشكلات «الشعب» ورفع مستواه ... ويقدم في نهاية المقال نموذجا من أبناء هذا الشعب بائعة الحلوى المسكينة التي تبيع القطعة بمليم، فيشتري ما عندها ثم يطلب منها في تهكم واضح «... لا تنسي يا أمي أن تطلبي من رب السماء الرحمة بأولئك الذين يرعون مصالحك فوق الجبل.»
14
كما كتب مفكرنا أيضا مقالات ممتعة، غاص فيها في أعماق النفس البشرية ببصيرة نافذة، فصورها عارية تارة (قارن مقالة «نفس عارية»).
15
ورد الطغيان تارة أخرى إلى النفس الفقيرة التي تنظر إلى باطنها فتجد خواء، فتمتد إلى خارجها لتستبد بالآخرين حتى تسد ذلك الخواء! ... (قارن مقالة «نفوس فقيرة»).
16
Неизвестная страница