أسمع الحسون يغرد ساعة الفجر، وأسمع سحابة النهار انتحاب أمة مات في قلبها البلبل والحسون
ألمس في النسيم روح المجد الذي يصيغ في خرائب التاريخ إكليلا من النور والخيال لربة الذكرى والجمال
وأبحث في الخرائب الجديدة عن أثر مجيد فلا أرى غير جثة هامدة عند ركمة من الرماد
أحمل فكري إلى الغاب هربا من فكر وطن مجذوم فأعود وفي حنين إلى الجذم
أقف عند الغروب على قمة الابتهاج أودع الشمس فأسمع الألوف على شاطئ اليأس يودعون الوطن
أجالس السكينة الزكية في ظل الصنوبر فأسمعها تقول: كنت أسمع أمس وقع المعاول وغناء الفلاح ولا أسمع اليوم غير أبواق السيارات وثغثغة المتفرنجات
وأجالس المتفرنجة فتصارحني قائلة: أتفضل أن تراني مثل تلك الفلاحة في فسطان كالجرس شكلا وقبقاب من خشب؟
يمر النسيم في ظلال الأودية فيحرك الأوراق في الأشجار والأدغال، فأرى خلالها خيال تلك الفلاحة الساذجة التي كانت تكشف ساقها للشمس، وشعرها للهواء، وأصبحت اليوم تلبس أجربة الحرير والقبعة الخضراء، وتلمس بيد غنجها السماء
همست في أذن المتفرنجة: أين الفلاحة منك ؟ فوبختني بلحظة باريسية ووقفت تودع، فمشى القلب معها إلى الباب
إن في قلبي عينين، عين السائح وعين الوطني المغروس بين الصخور.
Неизвестная страница