من هذا وأمثاله! ما لو ذكرناه لأحوجنا إلى التطويل، وأخرجنا عن المقصود.
فلمّا عرّف القاضي المذكور تضعيف هذه المسائل وأمثالها؛ اعترف بفضله ونبله، واغترف من نمير وبله وطلّه.
وقرأ السّيد المذكور كتاب «مختصر المنتهى» (١) على السيد العلاّمة جمال الإسلام وواسطة عقد النظام في السّلاة (٢) الكرام: علي بن محمد بن أبي القاسم الهادي، وكان في تلك المدة هو المشار إليه في فنون العلم جميعها، ولما سمع عليه هذا «المختصر» بهره ما رآه من صفاء ذهنه، وحسن نظره، وألمعيّته وبلاغته، وفطنته، وبراعته. وكان يطنب في الثناء عليه، ويرشد طلبة العلم إليه، حتى ترسّل السيد جمال الدين إلي السيد عزّ الدين الرّسالة المعروفة (٣)،
_________
(١) لابن الحاجب.
(٢) كذا في الأصل، ولعلّها: «السلالة».
(٣) ترسل عليه جمال الدين المذكور برسالتين:
الأولى: في الرد على قصيدته الطويلة في بيان اعتقاده ومحبته للسنة واتباعها، والتي يقول مطلعها:
ظلت عواذله تروح وتغتدي ... وتعيد تعنيف المحبّ وتبتدي
وقد أجاب عما في رسالة جمال الدين هذه من الخطأ والتعنت. السيد جمال الدين الهادي بن إبراهيم الوزير، أخو المؤلّف بكتاب سمّاه «الجواب الناطق بالحق اليقين الشافي لصدور المتقين». وهو مخطوط، وعندي نسخة منه، مكتوبة سنة (٨١٠هـ) أي في حياة المؤلّف.
والرسالة الثانية: هي التي ذكرها المترجم هنا، وقد أجاب عنها ابن الوزير بكتابه العظيم «العواصم والقواصم»، ومختصره «الروض الباسم».
المقدمة / 42