قال أحمد: هذا الجوهر لما كثر فيه الحركة والانتقال تكاثف فصار منه الجوهر الذى يسميه الفلاسفة فريون؛ وهو أيضا حساس لطيف.
قال أفلاطون: ومن فريون الأثير؟
قال أحمد: الأثير جوهر الضياء الخلو من الشوائب. وقد بلغ التركيب بهذا الجوهر فى هذه الدرجة أن جعله محسوسا، لأن الضياء لون، واللون محسوس.
قال أفلاطون: ويتكون من الأثير الجوهر القابل للتفريق والاجتماع.
قال أحمد: إن الأثير للطفه وواحدية ذاته لم يمكن منه التداخل. فلما ازداد تركيبا. حدث فيه الجزء القابل للاجتماع. إن أوائل الأشياء الجزء القابل للاجتماع والافتراق، وسموه الهيولى؛ وزعموا أن جوهر الضياء متولد منه على التركيب. فلولا ظهور بطلان هذا القول لكنت أجعل بعض نهارى للكلام فى نقضه لكنى قد كفيت ذلك بما أخبرت. وكيف يجوز على رأى من الآراء أن التركيب يزيد الشىء صفاء، وأن الظلام العتم يتولد منه النور المضىء؟!
قال أفلاطون: وليس بكليتها فى الدرجات تستحيل، بل البعض ويبقى الباقى كهيئته.
قال أحمد: يقول أن ليس كل جوهر بكليته يقبل التركيب ويستحيل، بل يحدث ذلك على البعض دون البعض. كأنه يقول: إن فريون لم يستحل بكليته أثيرا، ولا الأثير استحال بكليته الجوهر القابل للاجتماع والافتراق، بل استحال من كل واحد منها البعض دون البعض، وبقى ما لم يستحل كهيئته.
قال أفلاطون: ومن الجوهر القابل تتولد فيه أجزاء هى أقل قليل الشىء المحسوس، ولا تكاد تنقسم بالفعل لصغرها، وتنقسم بالقوة والعقل. ولى فيه كلام كثير فى كتبى على أصحاب الطبائع.
Страница 203