الله أين كُنْتَ الَّلَيلَةَ؟ فقد التَمَسْتُكَ في مَكانِكَ، فقالَ: أَعَلِمتَ أنِّي أتَيْتُ بيتَ المقْدِسِ الَّليلةَ؟ فقال: يا رسول الله إنَّه مسِيرَةُ شَهْرٍ فَصِفْهُ لِي، فَفُتِحَ لِي صِراطٌ كأنِّي أنظُرُ إِلَيهِ، يسألُني عن شيءٍ إلا أنْبَأتُهُ عَنْهُ. قال أبو بكر: أشهَدُ أنَّك رسُول الله، فقال المُشْرِكُون: انْظُروا إلى ابن أبي كَبْشَةَ يَزْعُمُ أنَّهُ أتى بَيْتَ المقدسِ من الَّليلة، قال: فقال: إنَّ مِن آيَةِ ما أقُولُ لَكُم، أنِّي مَرَرتُ بِعِيرِكُم بمكانِ كذا وكذا قد أضَلُّوا بَعِيرًا لهُم فَجَمَعَهُ فُلانٌ، وإِنَّ مسيْرَهُم يَنْزِلُونَ بِكَذا ثمَّ كذا، ويأتُوْنَكُم يومَ كَذَا وكَذَا يَقْدُمُهُم جَمَلٌ آدمٌ عليه أسْوَدُ وغِرَارَتَانِ سَودَاوانِ، فَلمَّا كانَ ذلِكَ اليومُ أشْرَفَ النَّاسُ يَنظُرونَ حتَّى كانَ قَرِيبٌ من نِصْفِ النَّهارِ، حتَّى أقْبَلَتِ العِيرُ يَقْدُمُهم ذَلكَ الجَمَلُ الَّذي وَصَفَهُ رسُول الله ﷺ. أخرجه البيهقي بإسناد، وقال: هذا إسناد صحيح (١).
٥٦ - وقال عن ابن شهاب: أنه أسري برسول الله ﷺ إلى بيت المقدس
_________
(١) ٢/ ١٠٨ و١٠٩ في "دلائل النبوة" باب الإِسراء برسول الله ﷺ من حديث أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن إسحاق بن إبراهيم الزبيدي، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سلام الأشعري، عن محمد بن الوليد بن عامر، عن الوليد بن عبد الرحمن بن جبير، عن شداد بن أوس. وإسحاق بن إبراهيم ضعيف، وعمرو بن الحارث، قال الذهبي: هو غير معروف العدالة. وذكره ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ١٤ عن أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي وقال: هكذا رواه البخاري من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي به. ثم قال بعد تمامه: هذا إسناد صحيح، وروى ذلك مفرقًا من أحاديث غيره، ونحن نذكر من ذلك إن شاء الله ما حضرنا، ثم ساق أحاديث كثيرة في الإِسراء كالشاهد لهذا الحديث، قال ابن كثير: وقد روى هذا الحديث عن شداد بن أوس بطوله الإِمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي، به ولا شك، أن هذا الحديث أعني الحديث المروي عن شداد بن أوس مشتمل على أشياء منها ما هو صحيح كما ذكره البيهقي، ومنها ما هو منكر كالصلاة في بيت لحم، وسؤال الصديق عن نعت بيت المقدس وغير ذلك، والله أعلم.
1 / 59