لا يؤمننك شر الجاهل قرابة، ولا جوار ولا إلف؛ فإن أخوف ما يكون الإنسان لحريق النار أقرب ما يكون منها، وكذلك الجاهل إن جاورك أنصبك وإن ناسبك جنى عليك، وإن ألفك حمل عليك ما لا تطيق، وإن عاشرك آذاك وأخافك مع أنه عند الجوع سبع ضار، وعند الشبع ملك فظ، وعند الموافقة في الدين قائد إلى جهنم، فأنت بالهرب منه أحق منك بالهرب من سم الأساود والحريق المخوف، والدين الفادح والداء العياء.
كان يقال: قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك، ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك عدوك، وتذل نفسك ويرغب عنك ناصرك، ومثل ذلك مثل العود المنصوب في الشمس إن أملته قليلا زاد ظله، وإن جاوزت الحد في إمالته نقص الظل.
الحازم لا يأمن عدوه على كل حال، إن كان بعيدا لم يأمن من معاودته، وإن كان قريبا لم يأمن مواثبته؛ فإن رآه متكشفا لم يأمن استطراده وكمينه، وإن رآه وحيدا لم يأمن مكره.
الملك الحازم يزداد برأي الوزراء الحزمة، كما يزداد البحر بمواده من الأنهار.
الظفر بالحزم، والحزم بإجالة الرأي، والرأي بتكرار النظر وبتحصين الأسرار.
إن المستشير وإن كان أفضل من المستشار رأيا، فهو يزداد برأيه رأيا، كما تزداد النار بالودك ضوءا، وعلى المستشار موافقة المستشير على صواب ما يرى، والرفق به في تبصير خطأ إن أتى به وتقليب الرأي، فيما شكا فيه حتى تستقيم لهما مشاورتهما.
لا يطمعن ذو الكبر في حسن الثناء، ولا الخب في كثرة الصديق، ولا السيئ الأدب في الشرف، ولا الشحيح في المحمدة، ولا الحريص في الإخوان، ولا الملك المعجب بثبات الملك.
صرعة اللين أشد استئصالا من صرعة المكابرة.
أربعة أشياء لا يستقل منها قليل: النار والمرض والعدو والدين.
أحق الناس بالتوقير الملك الحليم العالم بالأمور وفرص الأعمال، ومواضع الشدة واللين، والغضب والرضا، والمعاجلة والأناة، الناظر في الأمر يومه وغده، وعواقب أعماله.
Неизвестная страница