Мусульманские путешественники в средние века
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
Жанры
ومن الطريف أن الهروي اعتذر عما في الكتاب من خطأ فقال: «وإن جرى السهو فيما أذكره بطريق الغلط لا بطريق القصد، فأسأل الناظر فيه والواقف عليه الصفح في ذلك وإصلاح الخطأ وإيضاح الحق؛ فإن كتبي أخذها الانكتار ملك الفرنج، ورغب في وصوله إليه، فلم يمكن ذلك، ومنها ما غرق في البحر، وقد زرت أماكن ودخلت بلادا من سنين كثيرة، وقد نسيت أكثر ما رأيته، وشذ عني أكثر ما عاينته، وهذا مقام لا يدركه أحد من السائحين والزهاد، ولا يصل إليه أكثر المسافرين والعباد، إلا رجل جال الأرض بقدمه، وأثبت ما قلته بقلبه وقلمه.»
ومما كتبه الهروي: «الأهرام من عجائب الدنيا، وليس على وجه الأرض شرقيها وغربيها عمارة أعجب منها ولا أعظم ولا أرفع، ورأيت بمصر أهراما كثيرة منها خمسة كبار والباقي صغار. فأما الكبار فاثنان عند الجزيرة واثنان عند قرية يقال لها: دهشور، وهرم عند قرية يقال لها: ميدوم، وقد اختلفت أقاويل الناس فيها وفي بانيها وما يريد بها، ومنهم من قال: إنها قبور للملوك، ومنهم من قال: إنهم عملوها خوفا من الطوفان، وقيل: إن المأمون فتح هرما منها، وهو أحد الهرمين اللذين عند الجزيرة؛ فوجدوا داخله بئرا مربعة، في تربيعها أبواب يفضي كل باب منها إلى بيت فيه موتى بأكفانهم، وقيل: إنهم وجدوا في رأس هذا الهرم بيتا فيه حوض من الصخر على مثال القبر، وفيه صنم كالآدمي الرهنج، وفي وسطه إنسان عليه درع من الذهب مرصع بالجوهر، وعلى صدره سيف لا قيمة له وعند رأسه حجر ياقوت كالبيضة كالنار.» وأضاف الهروي أنه دخل إلى هذا الهرم ورأى الحوض واضحا، وقد كتب أنه سيذكر في كتاب العجائب والآثار والأصنام والطلسمات جميع ما سمعه من أخبار الأهرام والصنم أبي الهول، وجميع البرابي (المعابد) التي ببلاد الصعيد.
ومما دونه عن الأقصر: «مدينة بها من الآثار والقصور والأصنام، وصور الأصنام وصور السباع والدواب ما لم أر مثله في بلاد الصعيد ولا في غيرها، وذرعت يد صنم فكان من المرفق إلى مفصل الكف سبعة أذرع.»
وقد كتب الهروي عن المقابر الأثرية في صعيد مصر، وعن الجثث المدفونة فيها، وعن أكفانها المحفوظة على حالها الأولى. والحق أن الاكتشافات الأثرية الحديثة، والمنسوجات الوافرة التي عثر عليها المنقبون عن الآثار في تلك المقابر، كل ذلك يؤيد ما كتبه الهروي كل التأييد.
وكتب عن أسوان: «آخر بلاد الصعيد وبلاد الإسلام وبها الجنادل حجارة نابتة في وسط البحر. فإذا كان وقت زيادة النيل، يوضع عليها سرج فإذا زاد البحر وأخذها، وأرسلوا البشارة إلى مصر. فينزلوا في مركب صغير ويسبقوا الماء ويبشروهم بالزيادة. وجميع معادن حجارة المانع والعمد التي بالديار المصرية ومسال فرعون وعمد السواري بالإسكندرية من جبال هذه المدينة. ورأيت آثار القطاعات في الجبل والحجارة المانع والعمد مقطوعة.»
وقد أعجب الهروي بما رأى في مصر من زهور ونبات، فكتب في رحلته: «وبالجملة في ديار مصر ونيلها من عجائب الدنيا، ورأيت بها في أوان واحد مجتمعا وردا ثلاثة ألوان وياسمين لونين ونيلوفر لونين وآسا ونسرينا وريحانا وخبريا وبنفسجا ومسورا ونبقا وأترنجا وليمونا مركبا وطلعا ورطبا وموزا وجميزا وحصرما وعنبا وطينا (تينا) أخضر ولوزا وقثاء وفقوسا وبطيخا وباذنجانا وباقلا أخضر ويقينا وحمصا أخضر وخسا وجوزا أخضر ورمانا وهليونا وقصب سكر.»
أسامة بن منقذ
هو أسامة بن مرشد من بني منقذ، أمراء إقليم شيزر شمالي سورية ولد سنة (488ه/1095). وكانت إمارة هذا الإقليم قد آلت إلى أبيه مرشد ولكنه تنازل عنها لأخيه. وعني الأمير بأسامة، ابن أخيه، ولكنه رزق ولدا ذكرا فاتجه إليه بعطفه، مهملا أسامة. وغادر هذا قلعة شيزر. وحدث أن دمرت هذه القلعة في زلزال سنة (552ه/1157م)، ومات من كان فيها من آل المنقذ أما أسامة فقد كان في بعض أسفاره. ومات سنة (584ه/1188م) بعد أن جاوز التسعين.
وقد قام أسامة بعدة رحلات في مصر والشام وبلاد الجزيرة وبلاد العرب. ومع أنها رحلات ضيقة الأفق محدودة الدائرة، فإن لها شأنا عظيما في وصف الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وفي بيان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأدنى في القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي). ذلك أن أسامة كان أميرا فارسا وأديبا شاعرا، وأتيح له أن يتصل بأمراء المسلمين في عصره، وأن يلقى بعض الأمراء الصليبيين ويصادق الفرسان من رجالهم. وأخبار رحلته في كتابه «الاعتبار» تمتاز بالدقة في الملاحظة، والصدق في الرواية، والإبداع في الفن القصصي، مع التوفيق في الفكاهة وإيراد النكتة.
وقد وقف الدكتور فيليب حتي
Неизвестная страница