قيل للسائل عن ذلك : إن الأصول كلها، والفروع المحتاج إليها؛ في الكتاب والسنة، فإذا علم العالم ذلك وأتى على معرفته، وعرف مجمله ومحكمه، وفروعه ومتشابهه، ونظر في ذلك كله بقلب فهم، سالم من الجهل، بريء من الخطل، بعيد من الزلل؛ ثم وردت عليه مسألة استدرك علمها ساعة ترد عليه؛ إما بآية ناطقة، أو شريعة باسقة(1)؛ تنطق له بالحكم فيما ورد عليه، وتبين له ما يحتاج من ذلك إليه، أو بقياس يصح من السنة، ويثبت في الايات المحكمة، وتشهد له الشرائع المشروعة؛ يكون هذا القياس فرعا من فروع الحق، ثابتا ونورا شاهدا على ما فيه من الصدق. فيكون القياس ممن علم ما قلنا، وتفرع فيما ذكرنا وفهم ما شرحنا؛ قياسا واحدا، إذ كان ذلك له أصلا مؤصلا، تخرج هذا القياس وتبينه، وتشرعه وتوضحه، وتدل عليه وتفرعه؛ حجج الله التي في الصدور، المركبة للتمييز بين الأمور؛ من هذه العقول المجعولة لما ذكرنا، المركبة لما شرحنا؛ من التمييز بين الباطل والحق، والفرق بين البر والفسق.
Страница 673