قلنا لك: قد تقدم بعض ما ذكرنا لك في أول هذا الكلام، ونحن نشرح لك ذلك بأتم التمام، إن اختلاف آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيها السائل عن أخبارهم لم يقع، ولا يقع أبدا (الاختلاف)(1) إلا من وجهين:
فأما أحدهما فمن طريق النسيان للشيء بعد الشيء، والغلط في الرواية والنقل، وهذا أمر يسير، حقير قليل، يرجع الناسي منهم عن نسيانه إلى القول(2) الثابت المذكر(3) له عند الملاقاة والمناظرة.
والمعنى الثاني فهو أكبر الأمرين وأعظمهما، وأجلهما خطرا وأصعبهما، وهو: أن يكون بعض من يؤثر عنه العلم تعلم من غير علم آبائه، واقتبس علمه من غير أجداده، ولم يستنر بنور الحكمة من علمهم، ولم يستض(4) عند إظلام الأقاويل بنورهم، ولم يعتمد عند تشابه الأمور على فقههم، بل جنب عنهم إلى غيرهم، واقتبس ماهو في يده من علمه عن أضدادهم، فصار علمه لعلم غيرهم مشابها، وصار قوله لقولهم صلوات الله عليهم مجانبا، إذ علمه من غيرهم اقتبسه، وفهمه من غير زنادهم ازدنده(5)، فاشتبه أمره وأمر غيرهم، وكان علمه كعلم الذين تعلم من علمهم، وقوله كقول من نظر في قوله، وضوء نوره كضوء العلم الذي في يده، وكان هو ومن اقتبس منه سواء، في المخالفة لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والإقتداء(6)، وإن كان منهم في نسبه، فليس علمهم كعلمه، ولا رأيهم فيما اختلف فيه الحكم(7) كرأيه. والحجة على من خالف الأصل من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالحجة على غيرهم من سائر عباد الله ممن خالف الأصول المؤصلة وجنب عنها.
Страница 687