فافهم هديت معنى قول القائل: قاس ويقيس، واستعمل لبك في معرفة الفرق بين المعنيين الذين ذكرنا، حتى تقف(1) فيهما على الهدى، وتكون من ذلك في قولك كله على الإستواء، والحمدلله العلي الأعلى، وصلى الله على محمد المصطفى، وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار، الصادقين الأبرار.
ثم اعلم من بعد كل علم ومن قبله، وعند استعمالك لعقلك في فهمه(2)، أن الذين أمرنا باتباعهم من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحضضنا على التعلم منهم، وذكرنا ما ذكرنا من أمر الله برد الأمور إليهم؛ هم الذين احتذوا بكتاب الله من آل رسول الله، واقتدوا بسنة رسول الله الذين اقتبسوا علمهم من علم آبائهم وأجدادهم، جدا عن جد وأبا عن اب، حتى انتهوا إلى مدينة العلم، وحصن الحلم، الصادق المصدق، الأمين الموفق، الطاهر المطهر، المطاع عندالله المقدر، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن كان علمه من آل رسول الله صلى الله عليه وآله على ما ذكرنا، منقولا إلى آبائه، مقتبسا من أجداده، لم يزغ عنهم، ولم يقصد (في ذلك)(3) إلى غيرهم، ولم يتعلم من سواهم؛ فعلمه ثابت صحيح، لا يدخله فساد ولا زيغ، ولا يحول أبدا عن الهدى والرشاد، ولا يدخله اختلاف، ولا يفارق الصحة(4) والائتلاف.
فإن قلت أيها السائل: قد نجد علماء كثيرا منهم، ممن ينسب إليه علمهم؛ مختلفين في بعض أقاويلهم، مفترقين في بعض مذاهبهم، فكيف العمل في افتراقهم، وإلى من نلجأ منهم، وكيف نعمل في اختلافهم، وقد حضضتنا عليهم، وأعلمتنا أن كل خير لديهم، وأن الفرقة التي وقعت بين الأمة هي من أجل(5) مفارقة الأئمة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
Страница 686