Сердце Ирака: путешествия и история
قلب العراق رحلات وتاريخ
Жанры
إذن، إلى دجلة باللحم! وعاش الوطنيون. وعاش المضربون! وليسقط جان بول الملعون!
وقد قررت الحكومة الكافرة، المذعنة لإرادة الكفار الإنكليز، أن تعفي من الضرائب كل مسلم يسمح لحرمه بالسفور. إلى دجلة بهذه الحكومة! الثبات، الثبات، أيها المضربون. بعد أسبوع تسقط الوزارة، وبعد أسبوعين الملك نفسه يشد للرحيل! ...
سمعت في بغداد هذه القصة: كان أحد القناصل يدعو صديقا له من الوزراء للعشاء ولعب ال «بريدج» في بيته، وكان الوزير يعتذر دائما. لا وقت لسوء الحظ، الأشغال كثيرة.
ثم سقطت الوزارة واجتمع القنصل بصديقه الوزير السابق فقال له : «إن وقتكم في هذه الأيام يسمح - ولا شك - بسهرة للعب ال «بريدج» في الأقل.» فرفع الوزير يديه مجيبا: «إن الأشغال في هذه الأيام أكثر والله وأهم، فقد دخلنا في حزب المعارضة.»
وهناك غيره ممن يعتقدون أن لذة السياسة بالتنقل. فكيف تستطيع المعارضة وهؤلاء هم رجالها أن تكتم أسرار حزبها، أو تموه حيلها فتخفى على الحكومة؟ ومع ذلك فقد كانت مفزعة للحكومة تروعها وتفسد ظنونها وتدابيرها، فصارت الحكومة تتخيل تلك المفزعة في كل مكان. بيد أن المعارضة كانت دائما متيقظة متأهبة «لتستغل» - كما تقول - المواقف كلها؛ لتشوه سمعة الحكومة، لتعرقل أعمالها، لتفسد خطتها، لتسقط وتسحق رجالها.
إن في موقف الطرفين شيئا من المبالغة والوهم. فالحكومة تبالغ بسوء الظن والخوف، والمعارضة تبالغ بتقدير قواها. لكن مما لا ريب فيه هو أنها تتخذ لأغراضها شتى المسالك والأساليب، القويمة وغير القويمة، الجائزة وغير الجائزة. ومن هذه ما يضحك، وقد أعطيتك مثالا ومنها ما يثير الأشجان، مثال ذلك ما حدث يوم كانت عصبة الأمم تبحث مؤهلات العراق لعضويتها.
كتب أحد الأدباء العراقيين السيد عبد الرزاق الحسني مقالا في مجلة مصرية عن الصابئة. وقد جاء في المقال أن المرأة الصابئية، إذا ما اعتدى رجل عليها، ترضخ له صامتة دون مقاومة أو احتجاج. وكل ما تفعله خلال الاعتداء هو أن تقبض على شيء قربها، حجرا كان أو خشبة أو غير ذلك، مستشهدة بها على ثلم عرضها. هي تهمة فظيعة تثير الحفائظ في أي بلد كان.
فلا عجب إذا ثار ثائر الصابئة في العراق. فقاموا ببغداد يطلبون رأس الحسني عبد الرزاق. فاعتذر عما كتب، ونشر اعتذاره في جريدة محلية. ولكن الأمر مع ذلك ما انتهى. فإن بعض الناس غاروا على شرف الصابئة أكثر من غيرة الصابئة على أنفسهم، فراحوا يحرضونهم على المطالبة بالعقوبة.
غضبت الصابئة غضبة مستجدة شديدة. فجاء ممثلو الطائفة، من العمارة حتى الموصل، إلى بغداد شاكين غاضبين. جاءوا يطلبون مقابلة الملك فقابلهم وطيب خاطرهم، ثم أحالهم إلى العدلية، وأمر بأن ينظر في قضيتهم سريعا. كان الملك فيصل - رحمه الله - يخترق الأسترة، وكانت الحكومة، كما أسلفت القول، تتخيل المعارضة في كل مكان. فأشير باسترضاء الصابئة.
وما استرضاء هذا الشعب الصغير الهادئ الوادع بالأمر الشاق. ولا استهواؤه واستفزازه، فقد كان بين عاملين، الصفح والشرف. ولعبت في العامل الثاني الأهواء والإغراء، فاعتزم الرؤساء إقامة الدعوى على الكاتب يطلبون الإثبات. فركت العدلية جبينها، وعادت إلى القانون تستشيره، فسرت بما قرأت، وهو أن لا يحق لشعب بأجمعه أن يقيم الدعوى على شخص ما، بل ينبغي على كل فرد من ذلك الشعب أن يقيم الدعوى باسمه منفردا. إذن تقدموا أيها المعمدانيون الأتقياء ... تقدموا جميعا!
Неизвестная страница