Сердце Ирака: путешествия и история
قلب العراق رحلات وتاريخ
Жанры
إن الشعب لم يجن شيئا من الإضراب. فلماذا كان إذن؟ ولماذا لم يستفد المسئولون من المادة الثالثة فيخفضوا الضرائب قبل عودة رئيس الوزارة؟
كان وزير الداخلية يومئذ من زعماء المعارضة السابقين فتذبذب وفاز بأمنيته فصار وزيرا في الوزارة السعيدية. هو إذن خارج على حزبه، وحق للحزب أن يطلب رأسه - أن يذبحه سياسيا. وكان أمين العاصمة يومئذ من أعداء وزير الداخلية، فساعد المعارضين لينالوا مأربهم منه. فخلا لهم الجو، فتزعموا الإضراب، وكانوا في تنظيمه وتعميمه مفلحين. فطمعوا بغير رأس وزير من الوزراء - طمعوا برأس الحكومة نفسها.
قال الزعماء للمضربين ببغداد: «إن ثبتم أسبوعا تسقط البلدية. وإن ثبتم عشرة أيام تسقط الوزارة.»
نسي المضربون غرضهم الأول من الإضراب، نسوا مصالحهم التي كانت تتعلق بتخفيض الضرائب. نسوها وصاروا وطنيين ثائرين، يبتغون قلب الحكومة. وكانت المعارضة تغذيهم بالكلمات الحماسية والمناورات السياسية.
وقد أوعزت الحكومة إلى البلديات بذبح الأغنام وبيع لحمها. فرحبت بلدية بغداد بتجارة جديدة كاسبة. وما أدركت شيئا مما دبر لكسبها، ولا أحست به. ذبحت، وما باعت في اليوم الأول، ولا في اليوم الثاني. خفضت الأسعار وما رغب الناس باللحم. فعرضته بأسعار خاسرة، فظل الناس راغبين عنه.
وكان حر تموز يفعل فعله باللحم، فقدمته البلدية مجانا للناس، فما أقبلوا عليه. كأن أهل بغداد أضحوا جميعا من مذهب الهندوس - من المتنحسين. فأشفقت البلدية على الصحة العامة من فساد اللحم، فرمته في نهر دجلة!
إذا ذاك علت أصوات الوطنيين بالهتاف والتحبيذ: خذوا المثل الأعلى في الجهاد الوطني عن المضربين! تشبهوا بهؤلاء المتفانين في حب وطنهم. إنهم بوطنيتهم الصافية، وروحانيتهم العالية، ونزعتهم الشريفة التي حببت إليهم حرمان ما تعودوه، يفوقون حتى أهل الهند.
إن الله أعلم بما كان وراء ذلك الحرمان. وإن المؤلف - لحسن حظ القارئ الطالب الحقيقة - على شيء كذلك من العلم.
فالحقيقة العارية في لحم البلدية هي أن أهل بغداد رفضوا أن يشتروه، أو يقبلوه مجانا؛ لأن رجال المعارضة - وهم يرون حقا كل ما يساعد في مقاومة الحكومة والإنكليز - أشاعوا أنه من ذبح الأرمن!
هو إذن للمسلمين منجس، ولليهود «كاشر». وهل يجرؤ المسيحي - وخصوصا في أيام الإضراب - أن يدنو مما نبذه المسلمون واليهود؟
Неизвестная страница