Сердце Ирака: путешествия и история
قلب العراق رحلات وتاريخ
Жанры
والجامع والخان اليوم مفتوحان، الواحد للصلاة والآخر للتجارة. أما المدرسة والمكتبة التابعة لها، الحافلة بالمخطوطات، فقد تولى إدارتهما زمنا طويلا بيت الألوسي الموصوف بالعلم والفضل والتقوى، ثم أقفلت المدرسة ونقلت المكتبة إلى دار الكتب العمومية.
لا أظن أن في بيت الألوسي اليوم من يهمه أمر مرجان ومدرسته القديمة. فإن كبير هذا البيت السيد موفق من غير أولئك الأجداد الأتقياء في علمهم، العلماء في تقواهم، الرافعين أيدي الدعوة والاستيحاء للسلف الصالح، الشاربين من مياه التقاليد الحلو والمالح. لا، ما هو منهم، لا في كتابه، ولا في شرابه، فقد تلقى علومه بباريس، وأفعم روحه بالثقافة اللاتينية، ثم أضاف إلى ذلك من الأنكلوسكسونية أشياء، تتصل أسبابها حينا بالعلماء، وحينا بغير العلماء. وكيف لا وهو إلى ال «بار» اللامع، أدنى من البار إلى الجامع؟!
وما مرجان، وجامع مرجان، ومدرسة مرجان! إن للدولة العراقية الحديثة حقا بثمار علمه العصري، وبخير وطنيته المتفتحة. بيد أنه لا يتوفق دائما بما يريده لها من الخدمة. فبعد أن درس القانون الدولي في كلية الحقوق دخل في السلك السياسي من باب الوزارة الخارجية، ثم خرج منه غير آسف، وهو اليوم - لست أدري! أين يكون عندما يصدر هذا الكتاب؟ - وما مرجان! ومدرسة مرجان، وخان مرجان! هات يا ولد الوسكي والصودا.
لقد جرنا مرجان ووقفياته إلى آل الألوسي، فحملنا ذلك على ذكر كبير الألوسيين اليوم، وهو ينبو عن كل ما فيه سمعة وظهور. فنسأله العذر، وندعو له بالتوفيق حيث كان، ببغداد أو بطهران، معلما للإنس أو للجان، في دار الحقوق، أو في «بار» الأميركان!
المقامان الأعظم والأشرف
قد ذكرت المذهب الحنفي في عبارة ماشية، وما تورعت ولا اعتذرت. فلا بد من التفكير في زيارة لمقام الإمام بالأعظمية. وما المقام على شيء كثير من جلال القدم، فقد شيده الترك، وأحاطوا الحجرة بمشبك من الفضة. إنه في ما سوى ذلك كغيره من الجوامع الكبيرة، فلا تجوز المقارنة بينه وبين الكاظمين القائم قبالته على الصوب الغربي. وحسبك أن تذكر المأذنتين والقباب الكبيرة والصغيرة المصفحة كلها بالذهب، فيتوارى المقام الحنفي الأعظم، ويستغفر لبانيه الله.
ولكنه يمتاز بما لا تجد له أثرا في الكاظمين. ويحق له أن يفاخر جوامع بغداد كلها بما إلى جانبه، ضمن السور، من جمال الطبيعة الهادئ الوادع، المرحب بالنفوس الوادعة الهادئة، المضيء فيها أنوار الفكر والتأمل. فسلام على بستان المعظم وأزهاره، وعلى ظلال أشجاره، وعلى سكينة جواره.
ويحق للمعظم اليوم أن يفاخر؛ كذلك بإمامه الأعظمي سميه نعمان، الحامل للبيان، العلم والصولجان، الجامع في مواعظه الحديث والقديم، والسليم والسقيم، والمثمر والعقيم، الضارب في كل واد، وفي كل منبت آس وقتاد، المزين الترهات بالآيات، الخالط السمن باللبن، واللبن بالخل، والخل بالنفط، والنفط بالخمر، والخمر بزيت الخروع! رب المنابر الشيخ نعمان، صاحب العلم والصولجان.
وإنه في حديثه مثله في وعظه، لا حد لعلمه، ولا نهاية لظلمه، يدقق ولا يشفق، ولا يبالي في ما يفتق ويرتق، يفيض ولا يغيض، ويداوي المريض بالقراءة وبالقريض. لله در الأعظمي نعمان، إمام جامع المعظم نعمان بن ثابت!
أما وقد زرنا مقام المعظم فجدير بنا أن نزور مقاما قدسيا آخر، هو في قلب بغداد، بمحلة الشيخ، المشرفة باسمه. هو مقام الشيخ عبد القادر الكيلاني (1098-1166م) الذي جاء من كيلان يشرف بغداد، ويشعل أنواره في البلاد.
Неизвестная страница