Сердце Ирака: путешествия и история
قلب العراق رحلات وتاريخ
Жанры
أما وقد وصلنا إلى العهد التتري، فيجب علينا أن نقف إكراما وإجلالا عند اسمين من كبار الدولة التترية الثانية - الجلائرية - وهما السلطان أويس ومملوكه الناهض الطامح، المختلس التائب، الصالح المحسن، مرجان.
كان السلطان أويس بن حسن الجلائري، مؤسس الدولة الجلائرية (1339م) طامعا بتوسيع ملكه، فجرد حملة على خيجوق ملك أذربيجان، وعين مملوكه مرجان حاكما لبغداد في غيبته. وكان مرجان قد تخرج في سياسة الدولة، وتدرج في مناصب البلاط السلطاني، فغدا أسيرا لرغبة مضنية، بل لأمنية مهلكة . مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن الأولجايني، الرومي الأصل، طمح إلى الملك، وكان يومئذ دجلة آخذا بالطغيان، فطغى الاثنان معا. وعندما شاهد مرجان المياه تغمر الصوب الشرقي من المدينة ظن نفسه في حرز حريز، فتوكل على الله، وتبوأ عرش أويس.
وما كان السلطان أويس موفقا في حملته على خيجوق صاحب أذربيجان، فعاد إلى عاصمته التي أضحت في حوزة مملوكه، وكان الصوب الشرقي لا يزال تحت مياه النهر، فبنى أسطولا من الزوارق وخاض به عباب دجلة الطاغي يحمل على ذلك الطاغي الآخر مملوكه مرجان. فوصل إلى القصر وأدركه هناك ... وماذا دهاك يا مرجان؟ - العفو، يا مولاي، العفو!
وكان الاثنان من الصالحين. اعترف المملوك بذنبه وتاب، وتوسط من أجله بعض كبار الدولة، فعفا السلطان عنه.
ومنذ ذاك الحين تاب مرجان إلى الله - لست أدري أسمي بأمين الله قبل ملكه القصير أم بعده - وبذل كل ما كان يملك في سبيل البر والإحسان. بل خلد ذكره في ما بناه لخير الناس في هذه الدنيا وفي الآخرة. من ذلك المدرسة المرجانية التي شيدت في سنة (1357م) وأوقف عليها مائة دكان، وثلاث عشرة معصرة للزيت - كان يحرز الأملاك على ما يظهر بالسهولة التي أحرز بها الملك، وينفض منها يديه كما نفضها من العرش - وثلاث عشرة قطعة من الأرض، وسبعة خانات، وسبعة بساتين، وقفها كلها وقفا صحيحا شرعيا، كما جاء في الكتابة المنقوشة بالآجر قرب البئر في الجهة الجنوبية. وقد ختمت بهذه الكلمات: من غير شروط أوقافي أو تصرف فيها خلاف ما شرطت لعن في الدنيا والآخرة. ومع ذلك أن أكثر تلك العقارات التي لا تزال قائمة هي اليوم في أيدي اليهود.
وقد جاء في الوقفية:
وتممت هذه المدرسة في دولة نور حدقته، ونور حديقته، المخدوم الأعظم الأعدل، رافع رايات السلطنة على الأفلاك، ساحب ذيل الرحمة على الأعراب والأتراك، محيي مراسم الملة المصطفوية، مزين شعار الدولة الجنكيزية، حاجيج شاه أويس خلد الله ملكه.
وما خلد لولا هذا حتى ذكره. أما مرجان فلا حاجة إلى الكتابة لتخليده . فهو مدفون تحت قبة المسجد، ولا يزال الناس يزورون قبره ويتبركون به . وإن سألت البغدادي اليوم عن الحاجيج أويس، أجابك بسؤال آخر قائلا: أويس، أويس؟ ومن هو أويس؟ مما يثبت ما بدأنا به قصة مرجان، وهو أن عظماء التاريخ قلما يكونون من الأمراء أو من ذوي المال والجاه في الناس.
جامع الكيلاني من الداخل (تصوير الدورادو).
ومن آثار مرجان الجامع الذي بناه للمدرسة، والخان المقابل للجامع والاثنان يدعيان باسمه. أما أوروتمه فهو الاسم الذي أطلقه الترك على الخان لظلمته، وقد أمسى تحت الأرض، ولا تزال عليه مسحة من الفخامة. أما الجامع فإن بابه على الأقل جميل. بل هو في هندسته ونقشه منقطع النظير ببغداد، وقد أمسى مثل باب الخان بضعة أذرع تحت مستوى الشارع.
Неизвестная страница