مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١)﴾ [الطور: ٢٩ - ٣١]، وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)﴾ [الذاريات: ٥٢ - ٥٥]، فأخبر الله ﷿ رسوله ﷺ أن هذا الذي تسمعه من كفار مكة؟ هو الذي تقوله الأمم المكذبة لرسلها من قبل، ولذلك يقول الله ﷿ لرسوله ﷺ مواسيًا: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠)﴾ [المزمل: ١٠]، وقال تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [الطور: ٤٨].
وعن جندب بن سفيان قال: اشتكى رسول الله ﷺ فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا فجاءته امرأة فقالت: يا محمَّد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثًا، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣)﴾ [الضحى: ١ - ٣] (١).
عباد الله! كفار مكة يؤذون رسول الله ﷺ بألسنتهم، ورسول الله ﷺ يبلغ دين الله، ويدعو الناس إلى عبادة الله، ويقول للناس "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، والناس يقبلون على هذا الدين، ويتبعون رسول الله ﷺ فاجتمعت قريش مرة أخرى للتشاور في كيفية صرف محمَّد ﷺ عن دعوته، فقرروا أن ينتقلوا من أسلوب الشتم والسب إلى أسلوب أشد، وهو البطش والتعذيب والفتك بالنبي ﷺ، ولذلك قال ﷺ "لقد أخفت في الله وما يخاف