Paradise Under Your Feet
الدفاع عن الله ورسوله وشرعه
Жанры
النهي عن التكلم فيما لم يقع
وينبغي الانتباه لباب عظيم جدًا غفل عنه كثير من الناس، وهو ما صنفه العلماء في كتب العقيدة من النهي عن التحدث بالأغلوطات، وهي الافتراضات والآراء التي لم تقع بعد، وقد كان الرجل يأتي إلى أحد السلف كـ عمر بن الخطاب وغيره ويسأله في مسألة فيجيبه: أثم هو -يعني: أوقع؟ - فيول: لا، فيقول: دعنا منها حتى إذا وقعت أعاننا الله عليها.
فما كانوا يتعرضون لشيء مما لم يقع وإن كان من أمور الفقه، فما بالكم بأمور الغيب؟! والأدلة على النهي عن التكلم في الغيب كثيرة جدًا، يحكمها قول ابن مسعود ﵁ أنه قال: (ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)، فالتحدث في هذه الأبواب يثير الفتن والقلاقل، وما جمعنا في هذا المسجد في هذا الوقت إلا تلك الفتنة التي أحدثها أخونا الشيخ أمين.
ويقول علي بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!) ولا شك أن المرء إذا طرحت على مسامعه شيئًا لا يستطيع أن يستوعبه فإنه يبادر بالتكذيب، أي: بتكذيب ذلك الخبر، وربما كان صحيحًا.
وأبو هريرة ﵁ كان له كيسان من الحديث، وقال: (أما أحدهما فقد بثثته -أي: قد حدثت به- وأما الآخر فلو حدثت به لضربتموني هاهنا.
وأشار إلى حلقومه)، ولكنه حدث به بعضهم - معاذًا وحذيفة - قبل موته تأثمًا، قال العلماء: كان ذلك الكيس الذي خزنه أبو هريرة متعلق بالفتن والساعة وأشراطها وأحاديث الصفات؛ لأن هذه الأمور لو طرحها على عامة الناس لأحدث فتنًا وقلاقل، فمذهب السلف فيما يمكن أن ينتج عنه فتنة عظيمة تعم الناس أنهم يمسكون عنه كل الإمساك، فما بال أخينا لم يمسك عن هذا حتى بعد أن أحدث فتنة؟! وقد حدثه كثير من الناس، وأرسل إليه كثير من أهل العلم رسالات متعددة وجلسوا معه عدة مرات، وبلغني مؤخرًا أنه رفض وأبى أن يستجيب لدعوة أحد للمناظرة أو للمجادلة أو لبيان الحق أو غير ذلك، وقال: أنا لا أجلس مع أحد، ثم أعقب ذلك بقوله: أنا الذي في رأسي في رأسي، والذي في رأسه شيء يضرب برأسه في الجدار، وأقسم من حدثني أنه قال ذلك، والعهدة عليه.
وهذا ليس من باب النقاش العلمي، ولا حتى هذا من باب أدب طلاب العلم، وليس هذا منهجًا لأهل العلم.
9 / 24