وغايتهُ: أنّهُ سمى المقبولَ باسمينِ، باعتبارِ أعلى درجاتهِ وأدناها، وذكرَ أعلى مراتبِ المردودِ وهوَ الضعيفُ المطلقُ، ومنعهُ مِنْ ذكر أدناها، وهو الموضوعُ ما تقدمَ مِنْ أنّهُ في التحقيقِ ليسَ حديثًا، وأحسنُ مِنْ هذا التقديرِ أَنَّ الحسنَ / ٩أ / لما كانَ ينْزعُ إلى كلٍّ من الصحيح والضعيفِ، خُصَّ بالذكرِ، أما نزعهُ إلى الصحيحِ فباعتبارِ اشتراطِ عدالةِ رواةِ الحسنِ لذاتهِ وضبطهم، معَ باقي شروطِ الصحيحِ، وإنْ كانَ ضبطهم موصوفًا بكونهِ أخفَّ مِنْ ضبطِ رواةِ الصحيحِ، وأما نزعهُ إلى
الضعيف؛ فإنَّ الحسنَ لغيرهِ هو مالهُ سندانِ فأكثرُ، كلُ ضعيفٍ متماسكٍ فهوَ موصوفٌ بالضعفِ قبلَ معرفةِ ما يعضدهُ مطلقًا، وبعد ذَلِكَ باعتبارِ كل سَندٍ على انفرادهِ، وبالحسنِ باعتبارِ المجموعِ.
وقد اعترضَ على ابنِ الصلاحِ في إطلاقِ النقلِ عنْ أهلِ الحديث أنهمْ قسموا الحديثَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ، بأنَّ بعضَهم اقتصرَ على قسمينِ: صحيحٍ وضعيفٍ، قالَ: وقد ذكرَ المصنفُ هذا الخلافَ في النوعِ الثاني في التاسعِ منَ التفريعاتِ المذكورة فيهِ فقالَ: «منْ أهلِ الحديثِ مَنْ لا يفردُ نوعَ الحسنِ، ويجعلهُ مندرجًا في أنواعِ الصحيحِ، لاندراجهِ في أنواعِ ما يحتجُّ بهِ، قالَ: وهوَ الظاهرُ مِنْ كلامِ أبي عبدِ اللهِ الحاكمِ في تصرفاتهِ» (١) إلى آخر كلامهِ، فكان ينبغي الاحترازُ عن هذا الخلافِ هنا.
قالَ الشيخُ في " النكتِ " وهيَ (٢) " التقييدُ والإيضاحُ لما أطلقَ وأغلقَ مِنْ كلامِ ابنِ الصلاحِ ": «والجوابُ: أَنَّ ما نقلهُ المصنفُ عن أهلِ الحديثِ قد نقلهُ عنهم الخطابيُّ (٣) في خطبةِ " معالمِ السننِ " (٤)، ثم ذكرَ عبارتهُ، وقالَ: ولم أرَ منْ سبقَ
_________
(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٦ - ١٥٧.
(٢) جاء في الحاشية (أ): «اسم الكتاب».
(٣) هو أبو سليمان حَمد بن محمد بن إبراهيم البستي صاحب التصانيف البديعة، توفي سنة
(٣٨٨هـ). انظر: البداية والنهاية ١١/ ٢٣٦، وتذكرة الحفاظ ٣/ ١٠١٨.
(٤) معالم السنن ١/ ٦.
1 / 76