============================================================
البحث الثالث: منهع البقاعي النكت والفواند على شرح العقائد1 المعنى بقوله - تعالى-: (تكفر عنكم) أن كل ما عدا الكفر يجوز العفو عنه، فيكون التقدير: نكفر عنكم ما عداه من سيئاتكم إن شثنا (1).
ولم يرض من التفتازاني جوابه عن قول المعتزلة : إنه إذا اجتنبت الكبائر لم يجز تعذيبه ، قال التفتازاني : وأجيب بأن الكبيرة المطلقة هي الكفر لأنه الكامل (2)، قال البقاعي : هذا الجواب غير مرضيي بل يلزم عليه محذور عظيم ، لأنه ينحل إلى أن يقال : إن تجتنبوا أنواع الكفر نكفر عنكم ما عداه، ومما عدا الكفر الكبائر - التي سماها الشارع موبقات وليست كفرا - كالقتل وما بعده، وليس كذلك وإنما جوابهم بأنه لا يجب على الله - تعالى - شيء ولا يسال عما يفعل، اللهم إلا أن يدعي أن معنى الآية إن اجتنبتم هذه الكبائر التي هي الكفر بعد وقوعكم فيها نكفرها عنكم، أي نكفر عنكم الكفر الذي سبق على التوبة، أو نكفر عنكم جميع الكبائر التي وقعت في حال الكفر، فإن الإسلام يجف ما قبله لكن يخدشه قوله - تعالى - عقب ذلك عطفا على جزاء الشرط : ( وند خلكم يدخلا كريما (3) إذ لا ضرورة إلى العدول عن ظاهره، ويجوز أن يقال: المراد إن اجتنبتم الكبائر التي هي الكفر نكفر عنكم سيئاتكم من غيره إن شئنا، ويكون هذا من حمل المطلق في هذه الآية على المقيد في قوله - تعالى-: { ويغهر ما ذون ذالك لمن يشاه ) (4) ووراء ذلك كله أن الآية الكريمة ليس فيها أكثر من أن الصغائر تقع مكفرة عند اجتناب الكبائر، فلا يقع التعذيب عليها، وهذا لا نزاع فيه وهو أعم من الدعوى، فإنها: أنه لا يجوز التعذيب على الصغائر والجواز أعم من الوقوع ، فليكن نقيض الوقوع الذي هو الأخص أعم من نقيض الأعم الذي هو الجواز ، ولا يصلح الاستدلال بالأعم على الأخص لأنه لا إشعار له بأخص معين نفيا ولا إثباتا(5) .
-ورد على التفتازاني ردا عنيفا في قوله :" كما لو فرضنا أن أحدا صدق بجميع ما جاء به النبى - الظلة - وسلمه وأقربه وعمل به ومع ذلك شد الزنار بالاختيار وسجد للصنم بالاختيار نجعله كافرا لما أن النبي جعل ذلك علامة التكذيب والإنكار وتحقيق هذا المقام على ما ذكرت يسهل لك الطريق إلى حل كثير من الإشكالات إلى آخره "(6). قال البقاعي: ليس كذلك، بل (1) ينظر ص :492.
(2) شرح العقائد: 12.
(3) سورة النساء: من الآية 31.
(4) سورة النساء : من الآية 48 .
5) ينظر ص: 506.
(6) شرح العقائد: 131،130 .
Страница 107