لِمَ يُدعى بابنِ الرَّبيبِ فقالوا ... كانَ يَزْني بِأُمِّهِ ابنُ أبيهِ
أبْعَدَ اللهُ ذلِكَ الوَجْهَ مِنْ كُلِّ ... مَقَامٍ بَرٍّ وَقَدْرٍ وَجيهِ
وكأني به وقد بَثَرَتْ منه ... يَدُ الذُّلِّ غَلْطَةَ التنويهِ
تنزع السِّتْرَ عنه سَخْطَةُ رَبِّ ... لم يَدِنْهُ يَوْمًا بِمَا يُرْضيهِ
قَدْ أهالَتْ منه السِّيَاطُ كَثِيبًا ... وأَلَمَّتْ رَمْلَهُ رِيَاحُ التِّيِهِ
وَرَسَتْ مِنْهُ في الأداهِمِ رِجْلٌ ... ودَّعَتْهَا نَضَارَةُ التَّرْفيهِ
كانَ عارًا على الوُجُودِ ومَنْ يُبْ ... لَى بعارٍ وكَيْفَ لا يَخْفِيهِ؟
عادَةُ اللهِ كُلَّما اعْتَزَّ بَاغٍ ... بِضَلالٍ فإنه يُكْبِيهِ
قلت) بياض (قال شُعْلَةٌ منْ ضِرَام، ودُمَّلٌ من أَوْرَام، ولا بد لكل شيء من انصرام:
سَعِيدُ الدَّارِ خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ ... وَطَرْحُ الكَلْبِ خَيْرٌ مِنْ سَعِيدِ
قلت فوالي مكناسة عبد الله بن محمد؟ فقال: صاحب هَدْي وسَمْت وطريقةٍ غير ذاتِ عِوجٍ ولا أَمْت، متصفٌ بعفافٍ، واشتمالٍ بالطهارة والتفاف، مع عدل وإنصاف، وامتياز بالخير واتصاف، مُعْتَدُّ الجود، واضعٌ إياه في ضرورات الوجود، كثيرُ الضيف، مُطْعِمٌ في الشتاء والصيف، أَمِنَ جارُه من الحيف، يرعى الوسيلةَ ولا ينساها، ويصل مَغْدَى الصنيعة بِمُمْسَاها، فإذا ذكرتَ الخيار فاذْكُرْهُ فيها، وحْسُب الولاية به فخرًا ويكفيها، لا تسمع النجوى مجالسُه، ولا تَضُمُّ الخَنَا سقائفه. قلت) بياض (فقال: إنْهَدْ، وفي غير الكبار لا تَجْهَدْ، ودَعْنَا من الحضيض الأَوْهَد، فالأمر أَزْهَد، ولا تَعُد إلى مثلها والله يشهد. قلت:) بياض (وهو لعمري مسلس القياد، وحنيب جياد، فلم يَفُهْ بِبِنْتِ شفه، لا أدري، أبِرِضىً أم أَنَفَة. قلت: فزكريا بن يحيى؟ قال: مُقيمُ رَسْم، وممتازٌ من الشهرة بوسم، ورجلٌ عاقل، وجَالِي صفحات البِرِّ وصاقل، ومتماسك عن الغاية متثاقل، لا بفصاحة سَحْبَانَ ولا بِعِيِّ باقل، يروقك لقاؤه، ويُعْجِبُك خوانه وسقاؤه، ويُثني على خُلَّتِهِ أصدقاؤه. قلت: فأخوه الأحسن بأزمور؟ قال: دُرَّة بيتهم، وغُرَّةُ كُميْتِهِم، ومشكاةُ زيتهم، منزلُهُ مَتْرَعُ جِفَان، ومَحطُّ ضيفان، يركب المطية، ويمهد الأريكة الوطيّة، ويُتبع بالعذر أثر العطية غير البطية، ويجدد العهد بالعصابة البَرْمَكِيَّة، وأخبارهم المَحْكِيّة. قلت فوال تيط، ابن بطان؟ قال: كوكب سَحَر، وكريم قرى ونَحَر، وأَبْهَتَ وسَحَر، ما شئت من ترتيب وتقدير، وخليق بالبر جدير، وروض وغدير، وخَوَرْنَق وسَدِير، هذَّب الأدبُ خُدَّامه، وأطاب الاحتفال خبزه وأَدامه، إلى عطاء يحسب الأمل، ويثقل الناقة والجمل، عَضَّه الدهر فما عضَّ من طباعه، واستأثر بماله ورباعه، وتركه فريسة بين سباعه، فما حطَّ من همته ولا قصَّر من باعه:
وطَالَمَا أُصْلِيَ اليَاقُوتُ جَمْرَ غَضىً ... ثمَّ انْطَفَى الجَمْرُ واليَاقوتُ ياقوتُ
1 / 43