صَاحب التَّحْقِيق يرى الْكَثْرَة فِي الْوَاحِد كَمَا يعلم أَن مَدْلُول الْأَسْمَاء الإلهية وَإِن اخْتلفت حقائقها وَكَثُرت أَنَّهَا عين وَاحِدَة
فَهَذِهِ كَثْرَة معقولة فِي وَاحِد الْعين
فَيكون فِي التجلي كَثْرَة مَشْهُودَة فِي عين وَاحِدَة كَمَا أَن الهيلولي تُؤْخَذ فِي حد كل صُورَة وَهِي مَعَ كَثْرَة الصُّور واختلافها ترجع فِي الْحَقِيقَة إِلَى جَوْهَر وَاحِد وَهُوَ هيولاها
فَمن عرف نَفسه بِهَذِهِ الْمعرفَة فقد عرف ربه فَإِنَّهُ على صورته خلقه بل هُوَ عين هويته وَحَقِيقَته
وَلِهَذَا مَا عثر أحد من الْعلمَاء على معرفَة النَّفس وحقيقتها إِلَّا الإلهيون من الرُّسُل والصوفية
أَقُول انْظُر كَيفَ يفتري على الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنهم عرفُوا النَّفس كمعرفته المبنية على قَاعِدَته الخبيثة أَن الْحق ﷾ كالهيولي يُؤْخَذ فِي حد كل صُورَة من صور الْعَالم تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا
قَالَ وَأما أَصْحَاب النّظر وأرباب الْفِكر من القدماء والمتكلمين فِي كَلَامهم فِي النَّفس وماهيتها فَمَا مِنْهُم من عثر على حَقِيقَتهَا وَلَا يُعْطِيهَا النّظر الفكري أبدا
فَمن طلب الْعلم بهَا من طَرِيق النّظر الفكري فقد استسمن ذَا ورم وَنفخ فِي غير ضرم وَلَا جرم أَنهم من ﴿الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا﴾ فَمن
1 / 102