وفي قول الشيرازى (*): "ويرقى على الصفا والمروة" يقول ابن بطال: يقال: رقى بكسر القاف، وبالياء في الماضى يرقى بفتحها والألف في المستقبل رَقْيًا ورُقِيًّا: إذا صعد، وارتقى: مثله، ولا يقال: رَقَى بفتح القاف إلا من الرُّقْيَةِ، فإنه يقال رَقَى يَرْقَى رُقْيَةً. ورقأ الدم يرقأ بالهمز: إذا انقطع (٢٠٧).
وفي قول الشيرازى (/): "يوم التروية" يقول: فيه تأويلان، أحدهما: أنه مأخوذ من الروية، وهى: التفكر في الأمر، يقال: رَوَّيْتُ في الأمر: إذا فكرت فيه ونظرت، يهمز ولا يهمز. والثانى: أنه مأخوذ من رَوَّيْتُ أصحابى: إذا أتيتهم بالماء، وأصله من الرِّىَّ الذى هو ضد العطش (٢٠٧، ٢٠٨).
وفي قول الشيرازى (١): "ملك ضعيف لا يحتمل المواساة" هى مفاعلة من الآسى، وهو: الطيب، كأنها في النفع بمنزلة الدواء في النفع مع العلة. وقال الجوهرى: آسيته بمالى، أى: جعلته إسوتى فيه، وواسيته: لغة ضعيفة فيه (١٣٩).
وفي قول الشيرازى (٢): "وأومأ في السجود" يقول الركبي (٣): يقال: أومأ برأسه بالهمز وأشار بيده، وأومأت إليه: أشرت. ولا يقال: أوميت. وومأت إليه ومأ: لغة، قال:
فقلت السلام فاتقت من أميرها ... فما كان إلا ومؤها بالحواجب
وفي قوله: "الوضوء" يقول الركبي: وتوضأت للصلاة بالماء، بالهمز ولا تقل: توضيت، وبعضهم يقوله (٩).
وفي قوله (٤): "فإذا طرأ" يقول: مهموز، أى: حدث، وأصله: الطرىء: ضد العتيق (٢٦٨).
وظاهر أن ابن بطال متابع إلى أصحاب التنقية اللغوية، ولا يميل إلى استعمال ما هو عامى في مذهبهم، فما ذكره في اتزر: ذكره ابن السكيت في إصلاح المنطق (٥) والزمخشرى في الفائق (٦) وابن الأثير في النهاية (٧) وأنكره الخطابى (٨) في قولهم "اتَّجَرَ" و"اتُّمِنَ" وكذلك أنكره المطرزى في المغرب (٩). غير أنه أجاز "إيتزر" بالياء، ومن الإزار، وبهذا يصح إدغامها في فاء افتعل، كما لو كانت أصلا، كذا ذكر الفيومى (١٠)، ونص الصغانى (١١) على أنه يجوز أن تقول: اتزر بالمئزر أيضًا فيمن أدغم الهمزة في التاء، كما يقال: اتَّمَنْتُهُ، والأصل: أئتمنته والجوهري الذى سبق أنه من الذين لا يجيزون غير الصحيح، يقول: أزَّرته تأزيرًا فتأزر، واتَّزر إزرة حسنة (١٢)، فثبت بهذا صحة هذه اللغة، وإن كانت على غير الأفصح.
وما ذكره في "أومأ" نبه إليه ابن السكيت (١٣)، ولكن ابن قتيبة وضعه في باب ما يهمز أوسطه من الأفعال ولا يهمز بمعنى واحد، وعبارته: أومأت إلى فلان وأوميت (١٤)، وأنشد الأخفش لذى الرمة:
إذا قلَّ مالُ المرءِ قل صديقُهُ ... وَأوْمَتْ إليه بالعيوب الأصَابعُ
إنما أراد: أومأت، فاحتاج فخفف تخفيف إبدال، ولم يجعلها بين بين، إذ لو فعل ذلك لانكسر البيت؛
_________
(*) في المهذب ١/ ٢٢٤.
(/) السابق ١/ ٢٢٥.
(١) في المهذب ١/ ١٤٠.
(٢) السابق ١/ ٦٢.
(٣) في النظم المستعذب ٦٧،٦٨.
(٤) في المهذب ١/ ٣٢١.
(٥) ص ٣٧٣.
(٦) ٣/ ٢٦١.
(٧) ١/ ٤٤.
(٨) إصلاح خطأ المحدثين ص ١٤.
(٩) مادة (أزر).
(١٠) المصباح (أزر).
(١١) التكملة (أزر).
(١٢) الصحاح (أزر).
(١٣) في إصلاح المنطق ١٤٨.
(١٤) أدب الكاتب ٤٧٦.
المقدمة / 28