وأما أسد الدين فبسيفه وملكه وأهله ورجاله ولقد قال لي السلطان قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في هذه الواقعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا معنى قوله تعالى وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم. وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر على تلك القاعدة أنفذ إلى أسد الدين يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعًا. وكان وصولهم إلى مصر في أثناء ربيع الأول سنة أربع وستين وخمسمائة، ولما علم الإفرنج وصول أسد الدين إلى مصر عن اتفاق بينه وبين أهلها رحلوا راجعين وعلى أعقابهم ناكصين. وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان. وكان وعدهم بمال مقابلة ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئًا وعلقت مخاليب أسد الدين في البلاد وعلم أن الإفرنج متى وجدوا فرصة أخذوا البلاد وترددهم إليها في كل وقت لا يفيد وإن شاور يلعب بهم تارة وبالإفرنج تارة أخرى وعلموا أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمعوا أمرهم على قبضه إن خرج إليهم وكانوا هم يترددون إلى خدمته دون أسد الدين وهو يخرج في بعض الأحيان إلى أسد الدين يجتمع به.
1 / 79