بالاسطقس عند النار ومعلوم أن المركب جوهره مركب من جرم لطيف وجرم كثيف به يثبت وإن الكثيف منه يابس منعقد ومنه سيال واليابس الكثيف هو من جوهر الأرض والسيال هو من جوهر الماء وأما اللطيف فمن البين أنه كان بحيث يشتد حره حتى لو انفرد لأحرق كان نارا وإن كان بحيث يلين حره حينئذ كان هواء وأن اللطيف المشتد حره موجود في العالم مثل الهواء العالي الذي أي دخان وصل إليه أحرقه وحدثت الشهب وكيف لا يكون في غاية السخونة والحركة قد تحيل الهواء محرقا في الآلات النفخية فكيف الحركة الدائمة الفلكية. فصل في أحياز الأجسام الكائنة والمبدعة وتنتهي المواضع الطبيعية للأجسام القابلة للكون والفساد ببسائطها ومركباتها إذ مكان المركب في حيز البسائط كما تقدم وانتهاؤها يكون عند النار لانتهاء الكون عند النار ولا يمكن أن يوجد خارجا عنها جسم من طباع هذه الأجرام ولا بالقسر ولا جسم مركب البتة فيتبين أن من حيز فلك القمر يبتدئ الحيز الكلي المشتمل على الأجسام الابداعية التي توجد متحركة على الدور فإذا من الأرض إلى فلك القمر حيز الأجسام القابلة للكون والفساد ومن فلك القمر إلى آخر العالم حيز الابداعيات الدائمة الحركة ولا حيز خارج الحيزين: وبين من الأصول التي سلفت أن الفلك خارج عن الطبائع الأربع وأنه ليس بخفيف ولا ثقيل بوجه من الوجوه وأنه حي ذو نفس وليس لقائل أن يقول إن من الممكن أن يكون جسم قابل للكون والفساد وليس بأسطقس - فإن الجسم القابل للكون والفساد خالع لصورته لعلة لا محالة مغيرة ملابس لصورة أخرى لامتناع خلو الهيولى عن الصورة كما قيل في المبادئ - وهذه الصورة الأخرى ليس من شأنها أن تلائم الأولى وإلا لما كان اختصاصها بالمادة عقيب ارتفاعها ولا محالة أن هذا الجسم إذا اختلط مع آخر فيه القوى التي هي ضد قوته فتفاعلت أنه يحصل منهما جسم مركب ويكون هو أسطقس المركب وليس لقائل أيضا أن يقول أن الأرض والماء والهواء - والنار إن وجدت على هذه الطبائع التي أشرنا إليها بالصحة فإنها غير بسيطة وكيف وكل واحد مما يتحرك إلى أحد الأحياز إنما يتحرك بغلبة واحدة منها وكل واحد من المركبات إذا خلص عن حيز واحدة منها رجع إليه وهذا يبين بأدنى تأمل.
Страница 120