النعم، ألست مظهر الهداية والدلالة، وهو مظهر الغواية والضلالة، فكم أرشدت من أضله، وأعززت من أهانه وأذله؟! وكم أظهرت منه عيبا كان غيبا، فابيضت عينه حزنا، (واشتعل الرأس شيبا). كل ذلك وما تخلى عن ظلمة ظلمه، ولا تحلى بحلية الإنصاف في نثره ونظمه.
ومن جهلت نفسه قدره ... لأي غيره منه ما لا يرى
وكيف يزعم هذا العبد الآبق، أنه لسيدة في حلية الشرف سابق، وقد قال الواحد القهار (ولا الليل سابق النهار)، متى قام على منابر العلا بنو حام، واجلس أحدهم في ديوان الفخر بين أبناء سام، أن هو وأيم الله إلا كافر، وبشموس أنوار الشهادة غير ظافر، لو كان من السعداء لفاز بدار النعيم، ولو شقاؤه لما شابه سواد طبقات الجحيم، وماذا يؤمله من الجزاء ويرجوه، (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)، أما درى أن صحيفة سوداء مظلمة، وصحيفتي تفصح عن نفس مؤمنة بالله مسلمة، وأنى يرقى كتابه إلى عليين، وهو من ظلمات الحجاب في سجين، ثم أقبل عليه، وأنشد مشيرًا إليه:
يا مشبها في فعله لونه ... لم تعد ما أوجبت القسمة
خُلفك من خَلفك مستخرجُ ... والظلم مشتقُّ من الظلمة
وقال له: كيف تدعى فوق حالك، وأي فضل لمن منظره أسود حالك!! أما الظاهر للباطن عنوان، كما أن اللسان عن الجنان ترجمان، فإن الحسن نرجوه (ابتغوا
1 / 133