فرحمه الله على مَالك لقد أنزلهَا منزلهَا، وَعَفا الله عَمَّن كثر عَلَيْهِ فِي الِاحْتِجَاج بإجماعها، وَلَقَد تريّب بِالشُّبْهَةِ وقنع بسماعها وإسماعها.
وَظهر لى من تَرْجَمَة البُخَارِيّ أَن الله شرح صَدره لما شرح لَهُ صدر مَالك من تفضيلها، وَمن قَاعِدَته فِي الِاعْتِبَار بإجماعها على جُمْلَتهَا وتفضيلها. وَالله أعلم.
(٣٥٤ - (٢) بَاب قَول الله ﷿ ﴿لَيْسَ لَك من الْأَمر شئ﴾ [آل عمرَان: ١٢٨])
فِيهِ ابْن عمر: سمع النَّبِي -[ﷺ]- يَقُول فِي صَلَاة الْفجْر: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد فِي الْآخِرَة - ثمَّ قَالَ -: اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ لَك من الْأَمر شئ أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبّهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ﴾ [آل عمرَان: ١٢٨]
قلت: رضى الله عَنْك! أَدخل البُخَارِيّ هَذِه التَّرْجَمَة فِي كتاب الِاعْتِصَام بِالسنةِ ليحقق أَن الِاعْتِصَام فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ بِاللَّه، لَا بِذَات الرَّسُول -[ﷺ]-. إِذا الرَّسُول -[ﷺ]- معتصم بِأَمْر الله، لَيْسَ لَهُ من الْأَمر بِشَيْء إِلَّا التَّبْلِيغ.