والجواب عن ذلك : أن ظاهره يدل على أنه خلق ما فى الأرض ، ولا يعلم أن فى تلك الحال التى خلق هذه الأمور كان هناك فساد على ما ذكرته. فظاهره لا دلالة لك فيه.
وبعد ، فإن قوله. ( ما في الأرض ) يقتضى كون ذلك الشيء فى الأرض ، والأرض ظرف له ومكان ، وهذا إنما يصح فى الأجسام دون أفعال العباد ، يبين ذلك أنه تعالى قال : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) فيجب أن « يكون المخلوق (1) لنا ، فلا يجوز أن يراد به فعلنا ، بل يجب أن يكون الأمور التى ينتفع بها ، وهذا لا يكون إلا الأجسام.
فإن سأل من يقول بالإباحة فقال : إن قوله تعالى : ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) يدل على أن هذه الأمور كلها مباحة ولنا التصرف فى جميعها ، فكيف قولكم فيه؟
فالجواب عن ذلك : أنه تعالى فى الجملة خلق ما فى الأرض للعباد لكى ينتفعوا بها (2)، فالظاهر فى الجملة لا يخالف ما ثبت بالدليل ، فأما من جهة التفصيل فلا بد من شرط ، ولا فرق بين أن يكون منطوقا به أو معروفا بالعقل ، وهو أن لنا أن نتصرف فيه ، ما لم يؤد إلى مضرة على وجه ، لأنه لا شبهة فى أنه تعالى إذا خلق السموم فليس لنا تناولها (3)؛ لما أدى إلى مضرة ، فالمراد به (4) ما ذكرناه ، والمضرة قد تكون « عاجلة وآجلة ، وقد تكون (5) فينا وفى غيرنا ، فمتى انتفت كان لنا الانتفاع بما فى الأرض. وهذه الجملة مبينة فى باب الحظر
Страница 76