أنه (1) انتقل إلى السماء جالسا لم يكن علينا بذلك نعمة ، لأن حالنا فيما يختصنا من النعم لا يختلف بأن تتغير أماكنه لو جازت عليه ، تعالى الله عن ذلك ، فيجب أن تحمل الآية على أن المراد بها أن خلق لنا ما فى الأرض ، وخلق لنا السموات وسواها ، لتتكامل بخلقها النعم علينا من الوجوه التى لا تحصى.
ثم يقال للقوم : إن كان الأمر كما ظننتم فيجب أن يكون تعالى محتاجا إلى مكان ، لأنه كان على الأرض ثم استوى إلى السماء وانتقل إليها ، وهذا يوجب حاجته إلى المكان فيما لم يزل ، وفى ذلك قدم الأجسام ، ونقض القول بأنه خلق السموات والأرضين. بل يوجب أن يكون تعالى محدثا ، لأن من جاز عليه الانتقال والمجيء والذهاب ، فلا بد من (2) أن يكون جسما مؤلفا ، وما هذا حاله لا يخلو من الحوادث ، وفى هذا إبطال الصانع أصلا ، فضلا عن أن يتكلم فى صفاته!.
وإن سأل المجبر (3) فقال : إن قوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا )، وفى الأرض الفساد والظلم وأفعال العباد ، فيجب أن يدل ظاهره على أنه الخالق لها (4)!.
الملل والنحل : 1 / 108 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية : 5 / 142. ضحي الاسلام 3 / 56 57.
Страница 75