Монадология и начала рациональной природы и божественной благодати
المونادولوجيا والمبادئ العقلية للطبيعة والفضل الإلهي
Жанры
ليست المونادولوجيا مجرد تمهيد لفلسفة ليبنتز، وإنما هي عرض مركز لمبادئها الأساسية التي عبر عنها في سائر بحوثه، وبسطها بوجه خاص بصورة لا تخلو من الاضطراب والاستطراد في رسالته عن العدل الإلهي (التيوديسية). ولم تغب هذه الحقيقة عن بال الفيلسوف؛ إذ نجده يشير بنفسه على هوامش مخطوطة المونادولوجيا إشارات عديدة إلى فصول تلك الرسالة التي توسعت في شرح بعض المسائل التي تتناولها المخطوطة الصغيرة. وربما جاز لنا أن نقول مع مؤرخ الفلسفة المعروف يوحنا أردمان إن المونادولوجيا موسوعة صغيرة الحجم، تضم كل فلسفة ليبنتز. وليس من السهل بطبيعة الحال أن تفهم هذه الموسوعة الصغيرة - غير الميسرة - بعد أول قراءة؛ إذ لا غنى للقارئ عن الإلمام بجوانب عامة من تفكير ليبنتز، ولا غنى له أيضا عن النظر فيها مرة بعد مرة!
تتناول المونادولوجيا فلسفة ليبنتز في الجوهر. ويمكن القول بأنها تتألف من قسمين، يشرح الفيلسوف في أولهما طبيعة الجواهر عامة، ما خلق منها وما لم يخلق، التي يتكون منها العالم في مجموعه، ويفسر ثانيهما طبيعة العلاقات المتبادلة بينها على سبيل التأثير والتأثر، بحيث تكون عالما واحدا بمفرده، هو - في رأيه - أصلح وأفضل عالم ممكن. ويمكن أن تدرج الفقرات من 1 إلى 48 تحت القسم الأول، أما القسم الثاني فيضم الفقرات الباقية (من 49 إلى 90)، ويمكن أن نذهب إلى أبعد من هذا، فنقسم القسم الأول إلى ثلاثة أجزاء رئيسية يفسر ليبنتز في أولها (من الفقرة 10-18) طبيعة المونادات المخلوقة، ويميز في ثانيهما (من 19 إلى 30) الأنواع الثلاثة الكبرى من المونادات المخلوقة، كما يشرح في الجزء الثالث (31-48) كيف يتم الانتقال من أعلى أنواع المونادات المخلوقة (وهي الوعي أو الفهم) إلى المونادة الوحيدة التي لم تخلق (وهي الله) عن طريق المبدأين العقليين الأساسيين، ونعني بهما مبدأ عدم التناقض، ومبدأ السبب الكافي. وبهذا يقدم لنا رؤيته للكون بوجه عام، ويكشف تدرج الكائنات الفردة التي يتألف منها طبقة فوق طبقة.
أما القسم الثاني فيمكن بدوره أن يتفرع إلى ثلاثة أجزاء، تبين كما قدمت طبيعة العلاقات بين الجواهر بصورة أوفى وأتم. فالجزء الأول (من 49 إلى 60) يعرض للمبادئ العامة التي تقوم عليها العلاقة بين الجواهر من خلال التجانس المدبر أو الاتساق المقدر ومذهب ليبنتز المشهور - والمشبوه أيضا - عن أفضل العوالم الممكنة! ويشرح الجزء الثاني (من 61 إلى 82) العلاقات القائمة بين أنواع معينة من الجواهر شرحا مستفيضا ، كما يعالج مسائل متعلقة بالكائن الحي وطبيعة العلاقة بين النفس والجسم، بما في ذلك الحياة والموت والخلق والفناء. أما الجزء الثالث (من 83 إلى 90)، فيضم النسق الكامل للعلاقات في وحدة واحدة هي الله، ويتناول التفرقة بين العلل الفاعلة والعلل الغائية والتجانس بينهما في نهاية المطاف - وهو التجانس الذي يقدم عليه التمييز بين النفس والجسم - ثم يضيف إليه تفرقة أخرى وتجانسا آخر بين «المملكة الفيزيائية للطبيعة والمملكة الأخلاقية للفضل الإلهي»؛ أي بين الله بوصفه البناء الأعظم والمهندس المدبر للآلة الكونية الهائلة، وبين الله بوصفه الحاكم المهيمن على مدينة الأرواح، والراعي الحكيم والأب الرحيم.
ولا بد من القول بأن هذا التحليل - الذي اقتبسناه عن العالم الإنجليزي لاتا - ليس إلا مدخلا مبسطا لقراءة هذا النص الرائع العسير. وهو لا يخلو بطبيعة الحال من التعسف والقسر، ولا يغني عن بذل الجهد والصبر.
وقد وضع ليبنتز المونادولوجيا تذكارا لإقامته في باريس (التي قطعها لفترة امتدت من أوائل سنة 1672م حتى أوائل 1676م) وأهداها في المقام الأول لنيكولا ريمون وطائفة من العلماء والفلاسفة الفرنسيين نذكر من بينهم أرنو، وريمون، ومالبرانش، وهيجنز، وهويه، وفوشيه، وماريوت.
6
ولم يكن ليبنتز هو الذي وضع لها العنوان الذي تعرف به اليوم؛ فقد وجدت المخطوطات التي تركها في مكتبة هانوفر الملكية، التي قضى فيها الجانب الأكبر من حياته، بغير عنوان محدد، وكانت تشتمل على مشروع الكتاب ونسختين معتمدتين بخط يده، فضلا عن نسخة رابعة موجودة بالمكتبة الأهلية بفيينا تحت عنوان «مبادئ الفلسفة للسيد ليبنتز». والعنوان الحالي الذي اشتهرت به يرجع إلى عالم القانون الألماني هينريش كولر،
7
الذي ترجم الكتاب للألمانية، ونشره في سنة 1720م تحت عنوان مرهق طويل: «مبادئ السيد جوتفريد فيلهلم ليبنتز عن المونادولوجيا، وكذلك عن الله ووجوده وصفاته والنفس الإنسانية، إلى جانب دفاعه الأخير عن مذهبه في الاتساق المدبر في وجه اعتراضات السيد بايل».
8
Неизвестная страница