بشئ، فنظرت فى قوله الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] فعملت فى التقوى لأكون عنده كريمًا.
وأما الخامسة: فأنى رأيت الناس يتحاسدون، فنظرت فى قوله تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ﴾ [الزخرف: ٣٢] فتركت الحسد.
والسادسة: رأيتهم يتعادون، فنظرت فى قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر: ٦] فتركت عدواتهم واتخذت الشيطان وحده عدوًا.
والسابعة: رأيتهم يذلون أنفسهم، فنظرت فى قول تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦] فاشتغلت بما له علي وتركت ما لى عنده.
والثامنة: رأيتهم متوكلين على تجارتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم، فتوكلت على الله تعالى.
...
ومن صفات علماء الآخرة: أن يكونوا منقبضين عن السلاطين، محترزين من مخالطتهم.
قال حذيفة رضى الله عنه: إياكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه.
وقال سعيد بن المسيب ﵀: إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء، فاحذروا منه فإنه لص.
وقال بعض السلف: إنك لا تصيب من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
ومن صفات علماء الآخرة: أن لا يسترعوا إلى الفتوى، وأن لا يفتوا إلا بما يتيقنون صحته.
وقد كان السلف يتدافعون الفتوى حتى ترجع إلى الأول.
وقال عبد الرحمن بن أبى ليلى ﵀: أدركت فى هذا المسجد مائة وعشرين من أصحاب رسول الله ﵌، ما أحد يسأل عن حديث أو فتوى إلا وَدَّ أن أخاه كفاه ذلك. ثم قال آل الأمر إلى إقدام أقوام يدعون العلم اليوم، يقدمون على
1 / 25