[ﷺ] فَأَشَارَ بعضُهم بحبسه وَأَشَارَ بعضُهم بنفْيه فردَّ ذَلِك إِبْلِيس وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا برأيٍّ. فَقَالَ أَبُو جهل: أرى أنْ نأخذَ من كل قبيلةٍ من قُرَيْش غُلَاما نَهْدًا جَلدًا، ثمّ نُعطيه سَيْفا صارِمًا، فيضربونَه ضربةَ رجلٍ واحدٍ، فيتفرَّق دَمُه فِي الْقَبَائِل، فَلَا يَدري بَنو عبد منَاف بعد ذَلِك مَا يَصنعون. فَقَالَ إِبْلِيس: الله دَرُّ الْفَتى، هَذَا الرأيُّ وإلاّ فَلَا. فتفرّقوا على ذَلِك، وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ.
فَأتى جبريلُ النبيَّ [ﷺ] فأَعلمه بذلك، وأَمره أنْ لَا ينامَ فِي مضجعِه تِلْكَ اللَّيْلَة، وأمرَ رسولُ الله [ﷺ] عَليًّا أنْ يبيتَ فِي مَضجعه تِلْكَ الليلةَ، فَبَاتَ فِيهِ عليٌّ، وتغشّى بُرْدًا أحمرَ حَضْرميًّا، كَانَ رَسُول الله [ﷺ] يَنام فِيهِ. وَاجْتمعَ النفرُ من قريشٍ يتطلّعون من صِير الْبَاب، ويَرصُدونه يُريدون بياته، ويأتمرون أيّهم يحمل عَلَيْهِ. فَخرج رَسُول الله [ﷺ] وهم جُلوسٌ على الْبَاب، فَأخذ حَفْنةً من ترابٍ، فَجعل يَذرّه على رؤوسهم، وَيَتْلُو ﴿يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم﴾ حَتَّى بلغ ﴿وَسَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ﴾ وَمضى رَسُول الله [ﷺ] فَأَتَاهُم آتٍ ممّن لم يكن مَعَهم. فَقَالَ: مَا تَنتظرونَ هَا هُنا؟ قَالُوا: مُحَمَّدًا. قَالَ خِبتُم وخسِرْتُم. قدْ - وللهِ - مرَّ بكم، مَا تركَ مِنْكُم رجلا إِلَى وضعَ على رأسِه تُرابًا، وانطلقَ لحاجتِه. أَفلا ترونَ مَا بكمْ؟ قَالُوا: وَالله مَا أبصرناهُ، وَقَامُوا يَنْفُضون الترابَ عَن رؤوسِهم، ثمَّ جعلُوا ينظرُونَ فيَروْنَ عليًّا على الفراشِ مُلتحِفًا بِبُرْدِ رسولِ الله [ﷺ] فَيَقُولُونَ: واللهِ إنّ هَذَا لمحمدٌ نَائِما، عَلَيْهِ بُردُهُ فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى أَصْبحُوا. فقامَ عليٌّ / ١٣ و. عَن الفراشِ فَقَالُوا: واللهِ
1 / 48