وخلفه يزيد بن عبد الملك في السنة المذكورة، واستسار أولا بسيرة عمر بن عبد العزيز سالفه، لكنه أقبل بعد ذلك على لذاته بإغراء بعض الجهلة الدمشقيين، وتوفي سنة 724، فبويع بعد وفاته بالخلافة لهشام بن عبد الملك وكان عادلا حليما ورعا، وفي أيامه غزا مسلمة أخوه إلى آسيا الصغرى حتى القسطنطينية فغنم وعاد، ومن أعماله أنه سمح للمسيحيين في أنطاكية أن يقيموا لهم بطريركا بعد أن كانت خلت أربعين سنة من بطريرك، وكان له صديق راهب اسمه إسطفانوس أمر أن ينتخبوه بطريركا فانتخبوه وتوفي سنة 743.
وخلفه الوليد بن يزيد بن عبد الملك في سنة 743 المذكورة، وقالوا عنه: إنه عكف على شرب الخمر وسماع الغناء واستخف بالدين، وضيق على أهل هشام وأصحابه، لكنه لم يخل من المبرات؛ لأنه أجرى على زمني أهل الشام وعميانهم الأرزاق وكساهم والتمس بعضهم له عذرا فيما قيل عنه وبرءوا ساحته، وثارت الرعية عليه وبايعوا يزيد بن الوليد الأول فقاتل قتالا شديدا، ثم انهزم عنه أصحابه ودخل قصره فحاصروه به وقتلوه سنة 745.
وخلفه يزيد بن الوليد الأول سنة 745 المذكورة، وكان محمود السيرة وخالفه أهل حمص وهجموا على دار أخيه العباس بها، ونهبوا ما بها وسلبوا حرمه فأرسل إليهم عسكرا فاقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم أهل حمص واستولى عليها، وثار أهل فلسطين على عامله، فأخرجوه من بلادهم وخرجوا لقتال الخليفة، فأرسل عليهم جيشا ولما اقترب الجيش منهم تفرقوا وخضعت فلسطين له، وتوفي في سنة 745 نفسها إذ كانت خلافته بعض أشهر فقط.
وبعد وفاة يزيد بويع بالخلافة لإبراهيم بن الوليد الأول، وفي سنة 746 سار مروان بن محمد بن مروان أمير الجزيرة إلى دمشق لخلع إبراهيم من الخلافة، وبايعه في طريقه أهل قنسرين وحمص ولما دنا مروان من دمشق بعث إبراهيم الجنود لقتاله، فانهزم عسكر إبراهيم ووقع فيهم القتل والأسر واختفى إبراهيم، وقيل: إنه جاء إلى مروان وخلع نفسه من الأمر وسلمه إليه، وبايعه طائعا وكان ذلك سنة 746 المذكورة، وأخذ الخلافة بعده في السنة المذكورة مروان المار ذكره، وهو أخو خلفاء بني أمية، ومن الأحداث في أيامه أن أهل حمص عصوه فسار إليهم وأحدق بمدينتهم، ففتحوا له الأبواب وأظهروا الطاعة، ثم وقع بينهم قتال فقتل من أهل حمص خلقا كثيرا، وهدم بعض أسوارها وصلب جماعة من أهلها، ثم سار عليه أهل غوطة دمشق وولوا عليهم يزيد بن خالد القسري، وحصروا دمشق فأرسل إليهم مروان عشرة آلاف، فانهزموا ونهبهم العسكر وأحرقوا المزة وقرى غيرها، ثم ثار عليه سليمان بن هشام فخلعه من منصبه، فاجتمع إلى سليمان سبعون ألفا من أهل الشام، وعسكروا بقنسرين، فسار مروان إليهم فانهزم سليمان بن هشام وعسكره، وقتل منهم مروان نحو ثلاثين ألفا ووصل سليمان إلى حمص، فاجتمع إليه أهلها فهزمهم مروان ثانية وهرب سليمان إلى تدمر، فاستسلم أهل حمص إلى مروان.
وفي أيام مروان ظهرت دعوة بني العباس، وهم ينتسبون إلى العباس بن عبد المطلب عم النبي، ودعوا الناس إلى مبايعتهم بالخلافة أولا سرا ثم جهروا بالعصاوة سنة 748، وكان منهم رجل يسمى إبراهيم بن محمد وكان مقامه بالشراة في قرية يقال لها: الحميمة في جهة الشوبك وكان يدبر هذه الثورة، فكتب أحد عمال مروان إليه هذه الأبيات:
أرى تحت الرماد وميض نار
وأوشك أن يكون لها ضرام
فإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري
Неизвестная страница