الثاني عشر:
يهوذا الرسول: ويسمى تادي ولابي كان ابن حلفي وأخا يعقوب الصغير، وذهب القديس يولينوس (قصيدة 26) أنه بشر في الصعيد، وروى القديس إيرونيموس (في تفسير ف10 متى) أنه أرسل بعد صعود المخلص إلى أبجر ملك الرها، والأظهر أن تادي الذي أرسل إلى أبجر لم يكن من الرسل الاثني عشر، بل من الاثنين والسبعين مبشرا (السمعاني في المكتبة الشرقية مجلد 1 صفحة 319)، وذهب بعض من علماء اليونان والسريان أن يهوذا بشر بالرها، وما بين النهرين وأرمينية وفارس، ومات بفارس مرشوقا بالسهام سنة 64 وله رسالة عامة ذات فصل واحد.
الثالث عشر:
ماتيا: كان أولا من مصاف تلاميذ المخلص، واختاره الرسل بدلا من يهوذا الإسخريوطي، وبشر على رأي بعضهم في اليهودية، ثم سار إلى تدمر وطاف ما بين النهرين والعربية الجنوبية، وعاد إلى اليهودية، ثم قضى مرجوما ببيروت، وقال آخرون: إنه استشهد ببلاد فارس، وروى غيرهم أنه رجم وقطع رأسه بأورشليم سنة 62. (4) في التلاميذ والمبشرين
جاءت كلمة تلميذ في العهد الجديد بمعنى المؤمن بالمسيح، وبمعنى الرسول ويراد بها خاصة المبشرون الاثنان والسبعون الذين أرسلهم المخلص اثنين اثنين إلى كل مدينة أزمع أن يدخلها، ولم يكن في القرن الرابع جدول أكيد لأسمائهم، ولكن يمكن أن يحصى بين مصافهم ماتيا المار ذكره والشمامسة السبعة، وحننيا الذي عمد بولس وغيرهم، وعد بعضهم مرقس في جملتهم ولوقا الإنجيليين، وخالفهم آخرون ولا سيما في لوقا.
أما مرقس الإنجيلي فمذهب الجمهور أنه يوحنا مرقس الذي ورد ذكره مرات في أعمال الرسل، وكان كاتبا وترجمانا لبطرس الرسول، وصحب بولس الرسول مدة، ثم افترق عنه بأنطاكية ولزم بطرس وانطلق معه إلى رومة، وهنا كتب إنجيله بتلقين بطرس له في إحدى السنين التي بين الخامسة والأربعين والخمسين، وذهب بعضهم أنه كتبه باللاتينية؛ لأنه كان في رومة، والأظهر أنه كتبه باليونانية؛ لأنه كتبه ليمضي به إلى الإسكندرية التي أرسله إليها، ونجح بتبشيره ونما عدد المؤمنين بالقطر المصري وكثر فيهم النساك والزهاد؛ حتى سمي مرقس رئيس المتنسكين، وعنهم أخذت الطريقة الرهبانية، وأقام المدارس المسيحية في الإسكندرية، ونبغ فيها كثير من العلماء والأحبار، وحنق الوثنيون عليه لنسخه عبادة آلهتهم فوثبوا عليه نهار الأحد في 25 نيسان سنة 68، وأجروا عليه أعذبة متنوعة إلى أن فاضت روحه.
وأما لوقا فولد بأنطاكية وكان صبيا، ولم يكن يهوديا على الأصح، بل وثنيا آمن بالمسيح على يد بولس الرسول، ثم صحبه للتبشير مدة ثم انفرد عنه، وذهب القديس إبيفان (بدعة 51) أنه بشر بدلماسيا وإفرنسة وإيطالية ومكدونية، وذهب متفرست أنه بشر بمصر وليبيا والصعيد عدا تبشيره مع بولس الرسول ... وفي محل وفاته ونوعها اختلاف روايات بين أنها كانت في إخائيا أو تاب أو المورة وكلها في بلاد اليونان، وبين أنه مات مصلوبا أو حتف أنفه سنة 90 على ما في سنكساري طائفتنا، وله من العمر ثمانون سنة، وكتب الإنجيل المعزو إليه وكتاب أعمال الرسل باليونانية ، وقد فرغ من تدوين هذا الكتاب سنة 62 أو 63، أما الإنجيل فكتبه قبل ذلك وعبارته اليونانية أفصح مما كتب بهذه اللغة من أسفار العهد الجديد.
ومن المبشرين تادي الموفد إلى أبجر ملك الرها روى أوسابيوس (ك1 من تاريخه ف13) أن أبجر ملك الرها كان مصابا بمرض أعيى الأساة، وسمع بآيات المسيح فأرسل إليه رجلا اسمه حنانيا مصحوبا برسالة يسأله فيها أن يأتي فيبرئه، فأجابه المخلص أنه سيرسل إليه أحد تلاميذه فيشفيه، وأن توما الرسول أرسل بعد صعود المخلص تادي أحد السبعين إلى الرها، فوعظ أبجر ملكها فآمن بالمسيح هو وقومه وشفي من مرضه، وقال أوسابيوس: أنه أخذ عن سجلات الرها نسخة رسالة أبجر إلى المسيح، ونسخة جواب المسيح إليه، وقد وجد حديثا في مكتبة الأمة ببريس ترجمة أرمينية لتعليم تادي تشتمل على الرسالتين، فأذيعت هذه الترجمة ببريس سنة 1867، والترجمة الأرمينية أخذت عن الأصل السرياني، ومنه نسخة في المتحف البريطاني طبعت بلندرة سنة 1864 خلية من الرسالتين لسقوط الأوراق الأولى من تلك النسخة، ولكن وجد الكتاب كاملا في المكتبة الملكية ببطرس برج مكتوبا بالأحرف السترانكلية في القرن السادس، وللعلماء في ذلك مباحث طويلة أصحها أن رسالة أبجر إلى المسيح لا مرية في صحتها، وأما رسالة المسيح إلى أبجر، فالصحيح أنها كانت بلاغا شفاهيا بلسان موفد الأبجر سطره مسجلو الرها، كما لقنهم إياه الموفد المذكور، وهذا قول علامتنا السمعاني (مجلد 1 من المكتبة الشرقية صفحة 554): «إن أقوال العلماء المتضاربة يمكن توفيقها بقولنا: إن المخلص لم يكتب الرسالة إلى أبجر، بل تلقاها من فمه الأقدس ودونها المسجلون في سجلات الملك، ولم تحسب بين الكتب المنزلة؛ لأن كاتبها لم يكن ملهما، وأما رسالة أبجر إلى المخلص فأنا موقن بأنه ليس من دليل يخالف صحتها ... وعلماء السريان مجمعون على أن أبجر أرسل رسولا إلى المخلص، وأيد ذلك كثيرون من اليونان واللاتين.» وأما تادي فبعد أن أبرأ أبجر من مرضه وآمن هو وشعبه بالمسيح، مضى هو وتلميذاه أجى ومادي إلى المشرق يبشرون بالمسيح، ثم عادوا إلى الرها، وكان أبجر قد توفي وخلفه ابنه فقتل تادي هذا رأي ابن العبري في تاريخه، وعن السمعاني في المكتبة الشرقية (مج2 صفحة 611) أن تادي بعد رجوعه من التبشير توفي في حياة أبجر في سنة 12، بعد صعود المخلص وعن بعضهم في سنة 20 بعد الصعود.
ومن المبشرين الاثنين والسبعين سمعان خليفة يعقوب الرسول في أسقفية أورشليم، فقد أنبأنا أوسابيوس (ك3 من تاريخه ف11) أن الرسل والتلاميذ اجتمعوا بعد استشهاد يعقوب الرسول ليختاروا خلفا له، فأجمعوا على اختيار سمعان بن حلفي أخي يوسف، على ما روى هجيسبوس، وكان في جملة التلاميذ الاثنين والسبعين، واعتزل مع المؤمنين في عبر الأردن إبان الحرب بين اليهود والرومانيين، ثم وشي به إلى والي فلسطين فأذاقه مر العذاب وأخيرا صلبه فجاد بروحه سنة 107م. (5) في بعض الأساقفة بسورية في القرن الأول
حنانيا الذي نصر بولس الرسول كان أسقفا على الأصح بدمشق، ومات شهيدا فيها وخلفه أغناطيوس تلميذه على ما روى كثيرون.
Неизвестная страница