وأما الإفرنج فمات ملكهم هنري دوك شمبانيا، وتزوجت أرملته إيزابل بنت الملك أموري زيجة ثالثة بأموري دي لوسنيان أخي ملك قبرس، وكلل ملكا سنة 1197. (7) في بعض المشاهير في هذا القرن
كان في هذا القرن محمد بن الخضري المعري، وكان شاعرا مجيدا حسن المعاني رشيق الألفاظ وله رسالة لقبها تحفة الندمان أتى بها بكل معنى غريب، وتوفي بعد سنة 1107، وكان فيه أيضا إبراهيم الغزي وهو شاعر مشهور له ديوان شعر اختاره بنفسه، وله قصيدة مشهورة لناصر الدين بن علاء وزير كرمان، وتوفي سنة 1131، وكان أيضا ابن منير الأطرابلسي ولد بأطرابلس، وقدم دمشق وسكنها وكان كثير الهجاء، وسجنه بوري بن أتابك صاحب دمشق وعزم على قطع لسانه، فشفع بعضهم فيه فنفاه وأقام بحلب، وكان بينه وبين ابن القيسراني مكاتبات ومهاجاة، وتوفي بحلب سنة 1154 ويقال: توفي بدمشق سنة 1153.
ومنهم ابن عساكر الدمشقي كان محدث الشام في وقته، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، وجمع من الحديث ما لم يتفق لغيره، وأشهر مصنفاته تاريخ لدمشق في ثمانين مجلدا أتى فيه بالعجائب، واستعظمه العلماء، وله شعر لا بأس فيه وتوفي بدمشق سنة 1176، ومنهم أيضا ابن الذكي الدمشقي الفقيه الشافعي وله النظم الجيد، والخطب والرسائل، وتولى القضاء بدمشق سنة 1193، وكانت له منزلة عالية عند صلاح الدين وتوفي سنة 1202.
ومن هؤلاء المشاهير ابن القيسراني الخالدي الحلبي، وكان من الشعراء المجيدين، وكان هو وابن منير الأطرابلسي شاعري سورية في ذلك العصر، وجرت بينهما وقائع ونوادر وملح، وتوفي ابن القيسراني سنة 1154 بدمشق، وله كتاب في الكلمات المتشابهة لفظا طبع بلندن سنة 1865، ومنهم تقية ابنة الصوري وكانت فاضلة، ولها شعر جيد ورووا أنها نظمت قصيدة في مدح الملك المظفر ابن أخي السلطان صلاح الدين، وكانت القصيدة خمرية ولما وقف الملك المظفر عليها، قال: «الشيخة تعرف هذه الأحوال من زمان صباها.» فنظمت قصيدة أخرى حربية وأرسلت تقول له: «علمي بهذا كعلمي بذاك.» تبرئة لساحتها، وتوفيت سنة 1144، ومنهم ابن المقدسي المشهور في علم النحو واللغة، وله على كتاب الصحاح للجوهري حواش استدرك بها على صاحب الصحاح في مواضع كثيرة، وله حواش على درة الغواص في أوهام الخواص للحريري، وتوفي سنة 1187، ومنهم أسامة بن منقذ أحد أمراء بني منقذ أصحاب شيزر، وله تصانيف عديدة في فنون الأدب وديوان شعر في جزأين، وتوفي سنة 1189.
وكان في غير سورية بهذا القرن أبو حامد الغزالي، وله في الفقه الوسيط والبسيط والوجيز والخلاصة والمستصفى، ثم إحياء علوم الدين والمنحول والمنتحل في الجدل، وتهافت الفلاسفة إلى غير ذلك، وتوفي سنة 1112، ثم الطغرائي صاحب لامية العجم، وتوفي سنة 1120، وأبو محمد الحريري صاحب المقامات المشهورة، وله أيضا درة الغواص في أوهام الخواص وملحة الأعراب في النحو وشرحها، وتوفي سنة 1123، ثم الفتح بن خاقان صاحب كتاب قلائد العقيان، ومطمح الأنفس ومسرى التأنس في ملح أهل الأندلس، وتوفي سنة 1141، ثم الزمخشري الإمام الكبير في التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان، وله في كل ذلك مصنفات مشهورة وتوفي سنة 1144، والإدريسي صاحب كتاب الجغرافية الذي طبع بالعربية سنة 1617 برومة، وترجمه إبراهيم الحاقلي الماروني إلى اللاتينية، ولد سنة 1100 بإفريقيا بمدينة سينا، ولم نعثر على سنة وفاته، وابن رشد مترجم كتب أرسطو، وله كتاب سماه الكليات في الطب، وبقي العلماء في أوروبا زمانا طويلا لا يعرفون كتب أرسطو إلا بترجمتها اللاتينية عن كتب ابن رشد العربية، وله رسالة تهافت المتهافتين ردا على كتاب الغزالي الموسوم بتهافت الفلاسفة، وشرح على أرجوزة ابن سينا في الطب وتوفي سنة 1198.
الفصل الثاني
في تاريخ سورية الديني في القرن الثاني عشر
(1) في بطاركة أنطاكية وأورشليم في القرن الثاني عشر
أما في أنطاكية فبعد وفاة يوحنا الرابع الذي مر ذكره في تاريخ القرن الحادي عشر لا يعلم بتوكيد من خلفه، وجاء في جدول في الفاتيكان أن توادوسيوس خلف يوحنا المذكور، وأن يوحنا الخامس خلف توادوسيوس لكن هذا الجدول لا يعول عليه لاحتوائه على أغلاط ظاهرة، وبعد أن ملك الإفرنج أنطاكية أقاموا عليها بطاركة منهم، واستمر الروم يقيمون عليها بطاركة منهم لكنهم يسكنون بالقسطنطينية، ويعرف من هؤلاء أتناسيوس إذ ورد ذكره في مجمع عقد بالقسطنطينية سنة 1166، وقام بعد أتناسيوس سمعان الثاني ورد اسمه في رسالة كتبها إليه جيورجيوس متريبوليط كورشيرا، وأثبتها بارونيوس في تاريخ سنة 1178، ثم في سنة 1186 انتخب توادورس بلسامون الشهير، لكنه أقام دائما في القسطنطينية ونراه يشكو في أحد كتبه من أن اللاتينيين لا يدعون الروم يضعون أرجلهم في أنطاكية أو أورشليم أو طرسوس.
وقد انتقد بارونيوس كتاب بلسامون مبينا ما فيه من المطاعن بالكنيسة الرومانية، ومن الأغلاط التاريخية والتحريف للقوانين، وتوفي بلسامون سنة 1214 وقيل: سنة 1203، وكان من بطاركة أنطاكية الموارنة في هذا القرن البطريرك يوسف الجرجسي، وكان بعده البطريرك بطرس سنة 1121 ثم البطريرك غريغوريوس الحالاتي، وأرسل وفدا إلى البابا الثاني سنة 1130، ثم يعقوب من رامات، وله أثر في سنة 1141، ثم خلفه يوحنا السابع من لحفد سنة 1151، واستمر إلى سنة 1173، ووجد بعدئذ بطريرك أو بطريركان نجهل اسمهما إلى أن صير إرميا العمشيتي بطريركا سنة 1183 سندا إلى خط كتبته يده، وحضر المجمع اللاتراني سنة 1215 وتوفي بعد ذلك.
Неизвестная страница