Мухалхил Саид Рабика
المهلهل سيد ربيعة
Жанры
فنظر مرة إليه مبهوتا ولم ينطق بلفظ، فاستمر الشيخ في كلامه هادئا: «لقد كان ما كان، ولم يبق إلا النظر فيما يكون، وأنت إذا تماديت في لوم جساس خذلت بني بكر وبني شيبان إذا احتجت يوما إلى نصرتهم.»
فهدأ مرة قليلا وقال: «وماذا ترى يا أبا عامر فداؤك نفسي؟» قال أبو عامر: «إن تغلب لا بد غاضبون ولن يقعدوا عن طلب الثأر منك، وإن تبرأت من جريرة ولدك، فدع اللوم والجزع وأظهر للقوم شدة؛ فإن ذلك أدعى أن يقتصدوا في طلب الثأر، وذمر بني بكر وحرضهم على القيام لنصرة جساس.»
وسكن الرجل قليلا، ثم نظر إلى الشيخ مرة وقال له هامسا: «يا أبا همام. أما إنها لطعنة حر أبي! أما تذكر كيف كان كليب يسومنا الذل ونحن لا نستطيع أن نرفع نحوه عيوننا.»
فانتفض مرة، ومد يده مسرعا فأمسك بذراع أبي عامر، وتلفت حوله حذرا، ثم قال هامسا: «أو ترضى يا أبا عامر؟»
فقال الرجل: «أما وحق الآلهة جميعا، لقد وددت أن طعنة جساس قد مدت بها رماح بكر كلها. كان كليب طاغية يحمي المراعي ويمنع الماء أن نرده، ويبالغ في طغيانه، فيجعل كلبه يأمر سادتنا، وما كاد أحد يستطيع أن يرد عليه لفظا.»
فتنفس الشيخ مرة، وقال ولا يزال صوته هامسا: ولكنها الحرب يا أبا عامر! هي الحرب الطاحنة والبلاء العظيم.
فقال أبو عامر: أراك سكنت إلى الدعة يا أبا همام! وماذا تخشى من الحرب وأنت فارس بكر العتيق؟ هل تسلس ربيعة القياد لمن يكره حر الجلاد؟
فسكت الشيخ لحظة يفكر فيما يقوله صاحبه، واستمر أبو عامر فقال: وما فضل تغلب على بكر حتى يستأثروا دون بني عمهم بهذا الأمر؟ أقنعت يا مرة بأن تكون صهر العزيز؟ أقنعت يا شيخ بكر بما يلقيه إليك بنو أبيك من فضلات عزهم؟
فصر الشيخ على أضراسه، ثم سحب صاحبه من ذراعه وعاد نحو ولده، وكان أهدأ عند ذلك قولا.
ولما صار عند الجمع المنتظر، قال يخاطب ولده: «نحن للحرب يا ولدي! أنت منا ولن تسلمك بكر أبدا. لست أسلمك حتى أقتل دونك مع قومي، أو نشعلها نارا حامية على قوم الطاغية الظالم.»
Неизвестная страница