Мухалхил Саид Рабика
المهلهل سيد ربيعة
Жанры
فصاح أبوه وهو يرفع يده كأنه يريد أن يضرب: أكليب في ثأر ناقة؟
فقال جساس وهو يلوح برمحه فوق رأسه: أنا ابن مرة. أنا جساس! لست ممن يخفر جواره.
فاتجه إليه الشيخ وأخذ حفنة من الرمل فرماه بها في وجهه، وقال صارخا: «ويل لك من مشئوم منكود! ماذا جلبت على قومك من الهلاك؟ اذهب عني فلست من أهلي، اذهب عني فلقد سللت نفسي من جريرتك!»
فرفع جساس رمحه وهزه، وجعل يرقص في سرجه كأنه يتغنى وهو يقول: «فزع الشيخ من خوف القتال!»
ثم نزل عن فرسه واقترب من أبيه قائلا: «دعني أيها الشيخ وحدي، لست أريد حمايتك، فقد عرفت أنك لا تجرؤ على الدفاع عني.»
فانتفض الشيخ في غضب، ونظر نحو ابنه المخبول لحظة وهو حائر، واستغلق عليه التفكير والقول فلم يجب بكلمة، بل وقف مشدوها ينظر إلى من حوله في اضطراب، وقد وقع رداؤه عن كتفيه وسقطت عصاه من يده المرتعدة، وصاح بعد حين بصوته المختنق: أين همام؟
وكان أبناؤه وحفدته قد هبوا جميعا، فوقفوا حوله في حيرة ودهشة، وتقدموا نحوه يرفع بعضهم الرداء ليغطي به كتفيه، ويمد آخر يده بالعصا إليه وهم سكوت من الجزع والحزن.
فصاح بهم الشيخ في حنق: أين همام؟ أهو اليوم في لهوه؟ أين هو؟ اذهبوا إليه فليجئ!
وكان في ثورة نفسه يتحرك في اضطراب، ويتردد متجها إلى جهة ثم يرتد عائدا إلى أخرى، ثم وقع نظره على شيخ كان جالسا في جواره، فرآه لا يتحرك في مكانه، فمد مرة إليه يديه كأنه يستنجد به في حيرته، فقام إليه الرجل متباطئا، ثم قبض على ذراعه وانتحى به جانبا، فلما صار الرجلان بحيث لا يسمع أحد حديثهما، قال مرة وهو لا يكاد يبين: «ماذا ترى يا أبا عامر؟»
فقال أبو عامر في هدوء: «أترى تقدر على إعادة كليب؟ أيعود الأموات إلى الحياة؟»
Неизвестная страница