وتلفت حولي حائرة قلقة.
لقد حطم العلم إيماني القديم ولم يهدني إلى إيمان جديد.
وأدركت أن طريق العقل الذي عاهدت نفسي أن أسلكه طريق ضحل قصير، في نهايته سد كبير.
وفتحت عيني. ترى ماذا أفعل؟
هل أعود أدراجي، أم أتكور إلى جوار هذا السد، وألتصق به، وأحتمي فيه؟ ولم يكن لي مجال للاختيار؛ فقد أسلمني التحدي والمقاومة إلى نوع من القوة والإرادة لم أستطع معهما أن أتكور إلى جوار شيء، أو ألتصق بشيء، أو أحتمي في شيء. فما بالك إذا كان هذا الشيء سدا كبيرا ليست له منافذ.
ووجدت قدمي تتجهان بي إلى طريق جديد.
3
حزمت متاعي القليل وركبت القطار ليحملني بعيدا عن المدينة، بعيدا عن أساتذة العلم ومعامله، بعيدا عن أمي وأهلي، بعيدا عن الرجال والنساء على السواء.
وفي إحدى القرى النائية الهادئة اتخذت لنفسي مسكنا صغيرا، جلست في شرفة بيت ريفي أنقل بصري من الحقول الخضراء الفسيحة الآمنة إلى السماء الزرقاء الصافية، وأشعة الشمس الدافئة تسقط على جسدي الممدود على الأريكة المريحة، وتمطيت وتثاءبت في تكاسل لذيذ.
لأول مرة أجلس وحيدة مع نفسي، وأحسست أنني أخلع عن نفسي كل أثوابها التي تراكمت عليها طوال السنين الماضية من حياتي. ووقفت نفسي أمامي عارية ... عارية تماما، وبدأت أتفقدها وأتحسسها، وأكشف عليها كشفا دقيقا.
Неизвестная страница