وعادت إلي السكينة.
إن الحياة لا تزال قائمة، وأنا لا زلت أعيش. وفتحت فمي عن آخره وملأت صدري بهواء الشارع وتنفست، وحركت ذراعي ورجلي وسرت وسط أمواج البشر.
آه، ما أيسر الحياة حين يمارسها الإنسان على سجيتها! •••
شيء كروي صغير، قطعة بيضاوية من اللحم ترتج تحت مشرطي، أمسكتها بيد واحدة ووضعتها في كفة الميزان.
تحسست سطحها بأصابعي؛ سطح أملس متعرج، كملمس مخ الأرنب الذي كنت أخرجه على المائدة من جمجمته الصغيرة.
هل يمكن أن يكون هذا مخ الإنسان؟ هل يمكن أن تكون هذه القطعة الطرية من اللحم هي عقل الإنسان الجبار الذي قهر الطبيعة، فدخل إلى باطن الأرض، وصعد إلى مدارات الشمس والقمر؟!
عقل الإنسان الذي استطاع أن يفتت الصخر، وينقل الجبال، ويخرج من ذرات الهواء نارا تكفي لتدمير الأرض؟!
وأمسكت المشرط وقطعت المخ إلى أجزاء، ثم قطعت الأجزاء إلى أجزاء، ونظرت وتحسست وبحثت ولم أجد شيئا؛ مجرد قطعة من اللحم الناعم التي تذوب تحت أصبعي.
ووضعت شريحة منها تحت الميكروسكوب ونظرت، ولم أر شيئا سوى خلايا مستديرة في داخلها نويات مستديرة أيضا كحبات العنب.
كيف تشتغل هذه الخلايا فتجعل الإنسان يعي ويفهم ويحس؟
Неизвестная страница