كانت أمي ترتجف من الخوف وتتطلع إليه في ضراعة وخشوع، وكان أخي ينتفض من الهلع، وكان أبي راقدا في الفراش ينظر إليه في استجداء واسترحام.
الطب شيء رهيب، رهيب جدا. تنظر إليه أمي وأخي وأبي نظرة احترام وتقديس.
سأكون طبيبة إذن، سأتعلم الطب، وسأضع على وجهي نظارة بيضاء لامعة، وسأجعل عيني من تحتها نافذتين تتحركان بسرعة مذهلة، وسأجعل أصابعي قوية مدببة أمسك بها إبرة طويلة حادة مخيفة.
سأجعل أمي ترتجف من الخوف وتتطلع إلي في ضراعة وخشوع، وسأجعل أخي ينتفض أمامي من الهلع، وسأجعل أبي ينظر إلي في استجداء واسترحام.
سأثبت للطبيعة أنها بالرغم من ذلك الجسد الضعيف الذي ألبستني إياه، وبالرغم مما في داخله وخارجه من عورات، فسوف أتغلب عليه، وسوف أضعه في زنزانة من حديد عقلي وذكائي، ولن أمنحه فرصة واحدة ليشدني إلى صفوف النساء العجماوات. •••
وقفت في فناء كلية الطب أتلفت حولي؛ مئات العيون تصوب إلي نظرات فاحصة لاذعة.
رفعت رأسي ورددت عليهم بمثل سهامهم.
لماذا ينظر إلي الطلبة فأغض طرفي؟! لماذا يرفعون رءوسهم وأطرق رأسي؟! لماذا يدبون على الأرض في كبرياء وثقة وأنا أتعثر في خطاي؟! أنا مثلهم، وسأكون مثلهم، بل سأتفوق عليهم.
فردت قامتي الطويلة عن آخرها. نسيت النهدين وتلاشى ثقلهما من فوق صدري. شعرت أنني خفيفة، وأنني أستطيع أن أتحرك بسهولة كما أشاء.
لقد رسمت لنفسي طريق حياتي، طريق العقل، ونفذت قرار الإعدام على جسدي، فلم أعد أشعر له بوجود. •••
Неизвестная страница