Египет на рубеже XIX века (1801–1811) (часть первая)
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
Жанры
Crétin
و«كفاريللي»
Caffarelli .
وقد وقع على هذا الاتفاق الميجور جنرال «ماكنزي فريزر» والكابتن «هالويل» من الجانب البريطاني، والحاج محمد خطاب والشيخ إبراهيم باشا عبد الله، وهما يمثلان أعيان الإسكندرية، والأخير كما سبقت الإشارة إليه زوج ابنة الشيخ محمد المسيري، ثم محمد نعيم أفندي مندوبا عن أمين أغا، وفي ليل 20-21 مارس 1807 تسلم الإنجليز قلعتي «كريتان» و«كفاريللي»، ولم يكلفهم أخذ الإسكندرية سوى ستة قتلى وثمانية جرحى فحسب.
على أنه مما يجدر ذكره أن الجنرال «فريزر» كان قبل بدء العمليات التي انتهت بالاستيلاء على الإسكندرية قد أصدر عن الفرقاطة «التيجر» منشورا موجها إلى حاكم الإسكندرية وسكانها، وقع عليه كذلك «هالويل»، ويدعوهم إلى التسليم طوعا، وتحدث فيه عن الغرض من مجيء الحملة البريطانية، فقال: إنه للاستيلاء على ميناء ومدينة الإسكندرية وقلاعها وملحقات هذه جميعها، وإن البريطانيين لم يحضروا لفتح البلاد، وإنما لمنع الفرنسيين من وضع أقدامهم بها مرة أخرى، ولتمكيننا من إعطاء تأييدنا وحمايتنا لما قد يوجد من أحزاب في هذه البلاد قد تكون ذات رغبة صادقة في أن تكون لها علاقات ودية في كل الأوقات مع بريطانيا العظمى؛ أي إن «فريزر» عاد فأكد في منشوره هذا الأغراض التي نصت عليها التعليمات التي أصدرتها الحكومة الإنجليزية إلى الجنرال «فوكس» في 21 نوفمبر 1806، وقد استطاع «فريزر» إدخال هذا المنشور إلى المدينة عندما تسلل أحد العربان الموالين للإنجليز من الإسكندرية إلى خطوطهم، فسلمه «فريزر» هذا المنشور في 20 مارس، وعاد به هذا الأعرابي وأذاعه على سكان الإسكندرية. (4) أسباب تسليم الإسكندرية
وكان لهذا النصر الرخيص الذي أحرزه البريطانيون أسباب عدة، فقد كانت الإسكندرية - كما سبق القول - لا تخضع لحكومة محمد علي، ويتصل حاكمها مباشرة بالقسطنطينية، وحرص الباب العالي على بقائها منفصلة عن باشوية القاهرة، وظهر حرصه هذا - على وجه الخصوص - في أزمتي 1805، 1806، وقد شاهدنا كيف نص فرمان تثبيت محمد علي في الولاية بعد انقضاء أزمة النقل إلى سالونيك على ألا يكون له تعلق بثغر رشيد ولا دمياط ولا الإسكندرية، وكان حاكم الإسكندرية أمين أغا أو أمين قبطان الكريتلي، وهو الذي وصله فرمان من الباب العالي مباشرة بعد إبحار القبطان صالح باشا من الإسكندرية، يعهد إليه بحكومة هذه المدينة وقومندانية البر والبحر بها، وهو تعيين رأي فيه «دروفتي» وقتئذ - وعلى نحو ما أشرنا إليه سابقا - دليلا على أن الباب العالي يريد التمسك بهذا المكان مستقلا عن باشوية مصر، نقول إن هذا الحاكم كان لا يظهر ميلا للاعتراف بسلطان صاحب الولاية؛ أي محمد علي، وبخاصة عندما تسلم هذا أزمة الأمور، ووصل إلى الولاية ضد رغبة الباب العالي، ولقد خشي أمين أغا وأهل الإسكندرية أن تخضع مدينتهم لسطوة الأرنئود فينهبها هؤلاء، ويعيثون فيها فسادا، وقد رأينا كيف فخر «مسيت» بأنه جعل الإسكندريين يكتبون إلى القسطنطينية يطلبون منها إبقاء مدينتهم خارجة عن نطاق باشوية القاهرة، وأجيب مطلبهم.
وكانت الطبقة ذات النفوذ في الإسكندرية من التجار الذين لا يعنيهم سوى ضمان مصالحهم التجارية وأمنهم على أموالهم وأشخاصهم فحسب، فضلا عن أنهم ما كانوا يعرفون عن حكومة محمد علي إلا ما صار يبلغهم عنها ويذاع بالمدينة من قصص عن فعال الجند واعتداءاتهم على القاهريين، وفتكهم بهم أثناء حوادث التمرد والعصيان والمذابح المتكررة التي وقعت بالقاهرة خلال العامين السابقين؛ ولذلك فقد آثر الإسكندريون أن يظلوا في شبه عزلة عن سائر أهل البلاد، وصار لا يربطهم بهم أي شعور مبعثه التضامن واتحاد المصلحة، بل إنهم اعتقدوا أنه إذا حدث الغزو الأجنبي ونزل الغزاة بمدينتهم، فإن ذلك من شأنه أن يعود عليهم بالنفع المحقق، من حيث زيادة نشاط الحركة التجارية في الثغر، أضف إلى هذا أن الإسكندريين ما كانوا يثقون بتاتا بأن في مقدور محمد علي رد هؤلاء الغزاة، ومنعهم من احتلال الإسكندرية.
وواضح أن مدينة لا تخضع لسلطان باشا القاهرة، ولا يشعر أهلها بوجود روابط قوية تربطهم بسائر مواطنيهم، كان لا مفر من أن تصبح ميدانا فسيحا لدسائس الوكلاء الإنجليز الذين عملوا على إشاعة روح التخاذل بين الأهلين ورؤسائهم ومشايخهم، وبذلوا قصارى جهدهم لاستمالة حاكم المدينة أمين أغا، وقائد العمارة العثمانية بالثغر صالح أغا، وخصوصا الشيخ محمد المسيري ومن لف لفه، وقد أوضحنا كيف أن «مسيت» استطاع أن يطمئن إلى انحياز هذا الشيخ إلى جانبه كما اعتمد على ولاء أمين أغا الذي أكد له مرات عديدة أنه سوف يعامله كصديق إذا حدث أن انقطعت العلاقات بين إنجلترة وتركيا، حتى إن «دروفتي» صار يعتقد أن صالح أغا هو الرجل الوحيد الذي ظل من أصدقاء فرنسا، ومع ذلك فإن صالح أغا هذا لم يكن له أي تأثير على أمين أغا.
ومع أن أمين أغا رفض التسليم، واتخذ تلك الإجراءات التي سبق ذكرها للدفاع عن المدينة، فإن ما حدث من تخاذل بعد ذلك سواء من جانب أمين أغا أو من جانب الإسكندريين أنفسهم، لينهض دليلا على أن هؤلاء جميعا لم يكونوا جادين فيما أظهروه من رغبة في الدفاع عن مدينتهم، بل إن أمين أغا لم يقصد من التظاهر بهذا الاهتمام سوى التغطية والتعمية حتى يتفادى غضب الباب العالي ونقمته عليه وانتقامه منه لتخاذله وخيانته، ثم إنه كان من الواضح أن الإسكندرية سوف تعجز عن صد أي هجوم يقع عليها، ويقوم به جيش منظم على الطريقة الأوروبية، ومزود بأسلحة الحرب الحديثة؛ وذلك بسبب ضعف تحصيناتها وحاميتها وقلة عدد الجنود بهذه الحامية، ثم ضعف القوة البحرية التي عهد إليها بالدفاع عن الساحل بأسره، بينما كانت هذه لا تتجاوز فرقاطتين وقرويت واحدة لا قدرة لها على مواجهة مركب حربي إنجليزي بمفرده في عرض البحر، أضف إلى هذا أن عدد هذه القوة كان لا يزيد على 208 رجال، ولم يتجاوز عدد القوات البرية والبحرية جميعها بالإسكندرية في منتصف مارس 1807، 467 فحسب، وقد أدرك هذه الحقائق على وجه الخصوص «دروفتي» الذي بادر من فوره منذ أن شهد وصول المركب الإنجليزي الذي دخل الميناء في 20 فبراير، بتحذير محمد علي ونصحه بضرورة تقوية الحاميات والمواقع المختلفة على طول الساحل في الإسكندرية ورشيد ودمياط، ثم المواقع المحصنة بالدلتا ولا سيما دمنهور التي يؤدي سقوطها في يد العدو إلى قطع المواصلات بين الإسكندرية والقاهرة، ثم إن «دروفتي» حاول جهد طاقته أن يستنهض همة أمين أغا للتهيؤ والاستعداد بصورة جدية لمقابلة الغزو المنتظر، كما صار يبذل كل مسعى لدى الشيخ المسيري لحثه وحث الأهلين على الدفاع، ولكن الهمة التي ظهرت في أول الأمر من جانب أمين أغا والشيخ المسيري ما لبثت أن فترت بفضل تدخل «مسيت» و«صمويل بريجز» ومساعيهما، وقد تحول أمين أغا والشيخ المسيري خصوصا عندما وصلت السفينة «ويزارد» في 13 مارس تحمل نبأ قرب حضور الحملة، ثم سرعان ما بدت آثار هذا التحول عندما رفض أمين أغا والشيخ المسيري دخول قوة من الأرنئود حضرت وقتئذ بقيادة سليمان أغا لتعزيز حامية الإسكندرية.
وتفصيل ذلك أنه لما وردت الأوامر بتحصين الثغور، وجاء فرمان الباب العالي إلى محمد علي يأمره بمقاومة الإنجليز إذا حاولوا النزول في البلاد، وهو الفرمان الذي تحدث عنه «مسيت» في رسالته إلى أربنثوت في 22 يناير - على نحو ما أوضحنا - عمد محمد علي من فوره إلى إجراء الاستعدادات اللازمة لتحصين القاهرة، وأصدر أوامره إلى علي بك السنانكلي حاكم رشيد لإصلاح قلعة جوليان وتزويدها بالذخائر والمؤن، وأرسل طائفة من الجند الأرنئود بقيادة سليمان أغا بطريق النيل إلى الإسكندرية من أجل الاشتراك في الدفاع عنها، وأرسل إلى أهالي الثغور والمحافظين عليها مكاتبات بأنهم إن كانوا يحتاجون إلى عساكر فيرسل لهم الباشا عساكر زيادة على الذين أرسلهم، ووصل سليمان أغا بجنده إلى رشيد، ثم انتقل بهم إلى أبي قير في 14 مارس استعدادا لدخول الإسكندرية.
Неизвестная страница