قَوْله
[٥٦٩] فَلم تصل لِأَنَّهُ كَانَ يتَوَقَّع الْوُصُول إِلَى المَاء قبل خُرُوج الْوَقْت أَو لاعتقاد أَن التَّيَمُّم إِنَّمَا هُوَ عَن الْحَدث الْأَصْغَر وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر وَقيل إِنَّه لم يعلم الحكم وَلم يَتَيَسَّر لَهُ سوال ذَلِك الحكم مِنْهُ ﷺ (مرقاة)
وَمسح بهَا وَجهه وكفيه هَذَا الحَدِيث يدل على مَذْهَب من يَقُول يَكْفِي ضربه وَاحِدَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَأجِيب بِأَن المُرَاد صُورَة الضَّرْب للتعليم لَا للْبَيَان مَا يحصل بِهِ التَّيَمُّم فَلَا يدل على انه يَكْفِي ضربه وَاحِدَة وَالْمرَاد بالكفين الذراعان اطلاقا لاسم الْجُزْء على الْكل وَقد أوجب الله تَعَالَى غسل الْيَدَيْنِ الى الْمرْفقين فِي الْوضُوء ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك فِي التَّيَمُّم فامحسوا بوجوهكم وايديكم والظاهران الْيَد الْمُطلقَة هَهُنَا هِيَ الْمقيدَة فِي الْوضُوء فِي الأول لاية فَلَا يتْرك هَذَا الظَّاهِر الا بِصَرِيح وَقَالَ الْخطابِيّ الِاقْتِصَار على الْكَفَّيْنِ أصح رِوَايَة وَوُجُوب مسح الذراعين اشبه بالأصول وَأَصَح فِي الْقيَاس (فَخر)
قَوْله بَاب فِي التَّيَمُّم ضربتين قَالَ الشَّيْخ فِي شرح المشكوة اعْلَم ان الْأَحَادِيث وَردت فِي الْبَاب مُخْتَلفَة متعارضة جَاءَت فِي بَعْضهَا ضربتين وَفِي بَعْضهَا ضَرْبَة وَاحِدَة وَفِي بَعْضهَا مُطلق الضَّرْب وَفِي بَعْضهَا كفين وَفِي بَعْضهَا يدين الى الْمرْفقين وَفِي بَعْضهَا يدين مُطلقًا وأخذنا بِأَحَادِيث ضربتين ومرفقين اخذا بِالِاحْتِيَاطِ فأخذنا بِأَحَادِيث الضربتين لاشتمال الضربتين على ضَرْبَة واخذنا بِأَحَادِيث مسح الذراعين لاشتمال مسح الذراعين على مسح الْكَفَّيْنِ دون الْعَكْس وَأَيْضًا التَّيَمُّم طَهَارَة نَاقِصَة فَلَو كَانَ مَحَله أَكثر بِأَن يستوعب الى الْمرْفقين وَكَانَ للْوَجْه وَالْيَدَيْنِ ضَرْبَة على حِدة لَكَانَ أحسن وَأولى والى الِاحْتِيَاط أقرب وَأولى لَا يُقَال الى الاباط أقرب الى الِاحْتِيَاط لِأَن حَدِيث الاباط لَيْسَ بِصَحِيح فَإِن قلت التَّعَارُض على تَقْدِير ان يكون الْأَحَادِيث مُتَسَاوِيَة فِي الْمرتبَة والمحدثون حكمُوا بِأَن أَحَادِيث الضربتين والمرفقين غير مَذْكُورَة فِي الصِّحَاح قُلْنَا عدم ذكرهَا فِي الصِّحَاح مَحل بحث كَمَا نقلنا عَن الْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ على أَن عدم صِحَّتهَا وقوتها فِي زمن الإئمة الَّذين استدلوا بهَا مَحل منع إِذْ يحْتَمل ان تطرق الضعْف والوهن فِيهَا بعدهمْ من جِهَة لبن بعض الروَاة الَّذين رووها بعد زمن الْأَئِمَّة فالمتأخرون من الْمُحدثين الَّذين جاؤوا بعدهمْ اوردوها فِي السّنَن دون الصِّحَاح وَلَا يلْزمه من وجود الضعْف فِي الحَدِيث عِنْد الْمُتَأَخِّرين وجوده عِنْد
الْمُتَقَدِّمين مثلا رجال الْإِسْنَاد فِي زمن أبي حنيفَة كَانَ وَاحِد من التَّابِعين يرْوى عَن الصَّحَابِيّ أَو اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وان لم يَكُونُوا مِنْهُم كَانُوا ثِقَات من أهل الضَّبْط والإتقان ثمَّ روى ذَلِك الحَدِيث من بعده من لم يكن فِي تِلْكَ الدرجَة فَصَارَ الحَدِيث عِنْد عُلَمَاء الحَدِيث مثل البُخَارِيّ وَالْمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وأمثالهم ضَعِيفا وَلَا يضر ذَلِك فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ عِنْد أبي حنيفَة فَتدبر فَهَذِهِ نُكْتَة جَيِّدَة
قَوْله
[٥٨٠] ثمَّ يستدفئ بِي أَي يطْلب الدفاءة بِفتْحَتَيْنِ وَالْمدّ وَهِي الْحَرَارَة مني بِأَن يضع اعضاءه الشَّرِيفَة بعد الْغسْل على اعضاءي من غير حَائِل ويجعلني مَكَان الثَّوْب الَّذِي يستدفأ بِهِ ليجد السخونه من بدني قَالَ الطَّيِّبِيّ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَلكم فِيهَا دفئ أَي تَتَّخِذُونَ من أوبارها وأصوافها مَا تستدفئون بِهِ وَفِيه ان بشرة الْجنب طَاهِرَة لِأَن الاستدفاء انما يحصل من مس الْبشر لمعات ومرقاة
1 / 43