قَوْله
[٥٢٩] احتظرت وَاسِعًا الْحَظْر الْمَنْع وَمِنْه وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا وَمِنْه الْمَحْظُور بِمَعْنى الْمحرم من حظوته إِذا منعته كَذَا فِي الْمجمع وَالْمرَاد هُنَا منعت شَيْئا وَاسِعًا واحتجرته وَهِي رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ الله ورحمتي وسعت كل شَيْء (إنْجَاح)
قَوْله فشج يَبُول بِالْفَاءِ الْأَصْلِيَّة والشين وَالْجِيم فِي الْقَامُوس فشج يفشج كضرب يضْرب فرج بَين رجلَيْهِ ليبول كفشر بتَشْديد الشين انْتهى وَفِي الْمجمع الفشج تفريج مَا بَين الرجلَيْن وَهُوَ دون التفاج وروى بتَشْديد الشين والتفشيج أَشد من الفشج انْتهى فَالْمُرَاد انه تهَيَّأ وَفرج رجلَيْهِ للبول (إنْجَاح)
قَوْله وَلم يؤنب الخ التأنيب الْمُبَالغَة فِي التوبيخ والتعنيف كَذَا فِي الدّرّ النثير انجاح الْحَاجة لمولانا الْمُعظم الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ المجددي الدهلوي رَحمَه الله تَعَالَى
قَوْله يطهره مَا بعده هَذَا يؤول بِأَن السوال انما صدر فِيمَا جر من الثِّيَاب على مَكَان يَابِس من القذر إِذْ رُبمَا ينشبث شَيْء مِنْهَا فَقَالَ ﷺ يطهره مَا بعده أَي إِذا انجر على مَا بعده فِي الأَرْض ذهب مَا علق بِهِ من الْيَابِس وَهَذَا التَّأْوِيل على تَقْدِير صِحَة الحَدِيث مُتَعَيّن عِنْد الْكل لانعقاد الْإِجْمَاع على ان الثَّوْب إِذا اصابته نَجَاسَة لَا يطهر الا بِالْغسْلِ كَذَا قَالَ على وَغَيره
قَوْله ان الْمُسلم لَا ينجس يُقَال بِضَم الْجِيم وَفتحهَا لُغَتَانِ وَفِي ماضيه لُغَتَانِ نجس ونجس بِكَسْر الْجِيم وَضمّهَا فَمن كسرهَا فِي الْمَاضِي فتحهَا فِي الْمُضَارع وَمن ضمهَا فِي الْمَاضِي ضمهَا فِي الْمُضَارع أَيْضا وَهَذَا قِيَاس مطرد عِنْد أهل الْعَرَبيَّة وَهَذَا الحَدِيث أصل عَظِيم فِي طَهَارَة الْمُسلم حَيا وَمَيتًا فاما الْحَيّ فطاهر بِإِجْمَاع الْمُسلمين حَتَّى الْجَنِين إِذا القته أمه وَعَلَيْهَا رُطُوبَة فرجهَا هَذَا حكم الْمُسلم الْحَيّ وَأما الْمَيِّت فَفِيهِ خلاف الْعلمَاء وَللشَّافِعِيّ فِيهِ قَولَانِ الصَّحِيح مهما انه طَاهِر وَلِهَذَا غسل وَلقَوْله ﷺ لَا ينجس وَذكر البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن بن عَبَّاس تَعْلِيقا الْمُسلم لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا هَذَا حكم الْمُسلم وَأما الْكَافِر فَحكمه فِي الطَّهَارَة والنجاسة حكم الْمُسلم هَذَا مَذْهَبنَا وَمذهب الجماهير من السّلف وَالْخلف وَأما قَول الله ﷿ أَنما الْمُشْركُونَ نجس فَالْمُرَاد نَجَاسَة الِاعْتِقَاد والاستقذار وَلَيْسَ المُرَاد ان اعضاءهم نَجِسَة كنجاسة الْبَوْل وَالْغَائِط وَنَحْوهمَا فَإِذا ثَبت طَهَارَة الادمي مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا فعرقه ولعابه ودمعه طاهران سَوَاء كَانَ
مُحدثا أَو جنبا أَو حَائِضًا أَو نفسَاء وَهَذَا كُله بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَكَذَلِكَ الصّبيان ابدانهم وثيابهم ولعابهم مَحْمُولَة على الطَّهَارَة حَتَّى يتَيَقَّن النَّجَاسَة فَيجوز الصَّلَاة فِي ثِيَابهمْ والاكل مَعَهم من الْمَائِع اذاغمسوا أَيْديهم فِيهِ وَدَلَائِل هَذَا كُله من السّنة وَالْإِجْمَاع مَشْهُودَة وَفِي هَذَا الحَدِيث احترام أهل الْفضل وان يوقرهم جليسهم ومصاحبهم فَتكون على أكمل الهيئات وَأحسن الصِّفَات وَقد اسْتحبَّ الْعلمَاء لطَالب الْعلم ان يحسن حَاله فِي حَال مجالسة شَيْخه متطهرا متنظفا بِإِزَالَة الشُّعُور الْمَأْمُور بازالتها وقص الاظفار وَإِزَالَة الروائح الكريهة والملابس الْمَكْرُوهَة وَغير ذَلِك فَإِن ذَلِك من اجلال الْعلم وَالْعُلَمَاء وَفِي هَذَا الحَدِيث أَيْضا من الْآدَاب أَن الْعَالم إِذا رأى من تَابعه أمرا يخَاف عَلَيْهِ فِيهِ خلاف الصَّوَاب سَأَلَهُ عَنهُ وَقَالَ لَهُ صَوَابه وَبَين لَهُ حكمه ١٢ نووي مُخْتَصرا
[٥٣٨] انما كَانَ يَكْفِيهِ ان يفركه الخ اخْتلف الْعلمَاء فِي طَهَارَة مني الادمي فَذهب مَالك وَأَبُو حنيفَة الى نَجَاسَته الا ان أَبَا حنيفَة قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيره فركه إِذا كَانَ يَابسا وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك لَا بُد من غسله رطبا ويابسا وَقَالَ اللَّيْث هُوَ نجس وَلَا تُعَاد الصَّلَاة مِنْهُ وَقَالَ الْحسن لَا تُعَاد الصَّلَاة من الْمَنِيّ فِي الثَّوْب وان كَانَ كثيرا وتعاد مِنْهُ فِي الْجَسَد وان قل وَذهب كَثِيرُونَ الى أَن الْمَنِيّ طَاهِر روى ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن عمر وَعَائِشَة وَدَاوُد أَحْمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأَصْحَاب الحَدِيث وَقد غلط من أوهم ان الشَّافِعِي مُنْفَرد بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيل الْقَائِلين بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَة الْغسْل وَدَلِيل الْقَائِلين بِالطَّهَارَةِ رِوَايَة الفرك فَلَو كَانَ نجسا لم يكف فركه كَالدَّمِ وَغَيره وَقَالُوا وَرِوَايَة الْغسْل مَحْمُولَة على الِاسْتِحْبَاب والتنزيه قَالَه النَّوَوِيّ قلت الَّذِي يثبت من الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب أما الْغسْل وَأما الفرك فَإِذن لَا بُد إِزَالَة الْمَنِيّ من الثَّوْب بِالْغسْلِ أَو بالفرك ان كَانَ الْمَنِيّ قَابلا للفرك أَي غليظا لِأَن الفرك كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ الدَّلْك حَتَّى يذهب الْأَثر من الثَّوْب وَالظَّاهِر انهما شرعا لإِزَالَة نَجَاسَة الْمَنِيّ وَيدل على نَجَاسَة الحَدِيث الَّاتِي فِي الْبَاب الَّاتِي عَن مُعَاوِيَة أَنه سَأَلَ أُخْته أم حَبِيبَة زوج النَّبِي ﷺ كَانَ رَسُول الله ﷺ يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامع فِيهِ قَالَت نعم إِذا لم ير فِيهِ أَذَى وَأَيْضًا الحَدِيث الآخر فِي هَذَا الْبَاب عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله ﷺ فِي الثَّوْب الَّذِي يَأْتِي فِيهِ أَهله قَالَ نعم الا ان يرى فِيهِ شَيْئا فيغسله فقد مران مَا قَالَ الامام انه نجس يَكْفِي فِي تظهيره الفرك هُوَ الْحق رحم الله على من انصف وَلَا تعسف (فَخر)
قَوْله بَاب مَا جَاءَ فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ اجْمَعْ من يعْتد بِهِ فِي الْإِجْمَاع على جَوَاز الْمسْح على الْخُفَّيْنِ فِي السّفر والحضر سَوَاء كَانَ لحَاجَة أَو بغَيْرهَا حَتَّى يجوز للْمَرْأَة مُلَازمَة بَيتهَا والزمن الَّذِي لَا يمشي وانما انكرته الشِّيعَة والخوارج وَلَا يعْتد بخلافهم وَقد روى عَن مَالك رِوَايَات فِيهِ الْمَشْهُود من مذْهبه كمذهب الجماهير وَقد روى الْمسْح على الْخُفَّيْنِ خلائق لَا يُحصونَ من الصَّحَابَة قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ حَدثنِي سَبْعُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ كَانَ يمسح على الْخُفَّيْنِ وَاخْتلف
الْعلمَاء فِي أَن الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أفضل أم غسل الرجلَيْن فمذهب أَصْحَابنَا الى أَن الْغسْل أفضل لكَونه الأَصْل وَذهب اليه جماعات من الصَّحَابَة مِنْهُم عمر بن الْخطاب وَابْنه عبد الله وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رض وَذهب جمَاعَة من التَّابِعين الى ان الْمسْح أفضل وَذهب اليه الشّعبِيّ وَالْحكم والحماد عَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أصَحهمَا الْمسْح أفضل وَالثَّانيَِة هما سَوَاء وَاخْتَارَهُ بن الْمُنْذر
1 / 41