رمقتني بتحذير وقالت: لا لوم ولا عتاب من فضلك.
فقلت بحزن: سمعا وطاعة.
لم أكن أفقت بعد من تجربة درية المريرة، ولا وجدت الوقت الهادئ لتحليلها وفهمها. ولكني كنت ممتلئا بها حتى الجنون. وكنت على يقين من أن العاصفة آتية لا ريب فيها، وأن ثمة ذروة للمأساة لم أبلغها بعد. وكان من المستحيل أن أبقى صامتا فقلت مواسيا: قد يكون الخير فيما حصل.
لم تنبس .. فسألتها: ماذا عن المستقبل؟
تمتمت بلا روح: إني أحيا كما ترى. - وأحلامك يا زهرة؟ - سأستمر ...
قالتها بعناد وإصرار ولكن أين الروح؟ قلت: سيذهب الحزن كأن لم يكن، وسوف تتزوجين وتنجبين أطفالا.
قالت بمرارة: خير ما أفعل أن أتجنب جنس الرجال.
ضحكت أول ضحكة منذ دهر. إنها لا تدري بالدوامة التي تعصف بي، ولا بالجنون الذي يتربص بي.
وخطرت لي فكرة، أخطرت فجأة بلا مقدمات؟ كلا، لا شك أن لها جذورا مطمورة لم أفطن لها. إنها جنونية ولذلك فهي مغرية. فكرة غريبة باهرة وأصيلة. وغير بعيدة أن تكون هي ما أبحث عنه. أن تكون البلسم لالتهاباتي المزمنة. نظرت إليها بحنان، وقلت: زهرة، لن تطيب لي الحياة وأنت حزينة.
اغتصبت من شفتيها ابتسامة شكر، فقلت وموجة الحماس ترتفع بي درجة جديدة: زهرة .. اطردي الأحزان .. كوني كما كنت دائما. خبريني متى أرى ابتسامة السعادة على شفتيك!
Неизвестная страница