فضحك وهو يقول في مباهاة: إني أعرف الدواء لكل داء. •••
كانت خطبة .. وكان رفض.
وبقدر ما أرضاني ذلك بقدر ما ضاعف من إحساسي بالمسئولية. مزقني القلق، اجتاحني الحب، تراجعت علية من مقدم الصورة حتى لاحت خلفية باهتة.
وقبضت على معصمي زهرة بحنان وضراعة وقلت بحرارة وتوسل: أنقذيني .. ولنذهب في الحال.
تخلصت مني بجفاء وهي تقول: لا تعد إلى ذلك، إني أكره سماعه!
لن نتلاقى أبدا. هي تحبني ولكنها ترفض التسليم بلا قيد، وأنا أحبها ولكني أرفض القيد. ولا هذا ولا ذاك بالحب الحقيقي الذي تمحى عنده الإرادة والعقل.
وقد دعاني السيد محمد والد علية للغداء فلبيت الدعوة. ودعوت الأسرة في نهاية الأسبوع للعشاء في باستوريدس. انقلب الجو بعد أن استقر بنا المجلس فصفرت الريح وانهمر المطر. ومضيت أقنع نفسي طوال الوقت بأن علية فتاة ممتازة وأنها تعد بزواج موفق. وسيمة .. أنيقة جدا .. موظفة .. مثقفة .. ماذا تريد أفضل من ذلك؟ ولو لم أرق في عينيها ... مالي أتحفظ لهذا الحد؟ إنها تحبني بلا ريب، الراغبة في الزواج راغبة في الحب أيضا. ثم ما هذا الذي يعدنا بالفراديس دون أن يفي ولو بشيء من وعده؟ واشتدت العاصفة في الخارج حتى خيل إلي أنها ستقلع المدينة الجميلة من جذورها فتضاعف شعورنا بنعمة الدفء والأمان في الداخل. وقلت لنفسي إنني اقتحمت أبواب هذه الأسرة المحترمة مدفوعا بانفعالات عفوية ولكن بلا خطة موضوعة أو نية صادقة، وبلا إمكانية مالية مناسبة، وإن علي أن أصارحهم بحقيقة مركزي وبمسئوليتي العائلية تاركا لهم بعد ذلك الخيار. وقد جر الحديث المتشعب إلى «الزواج» كموضوع عام فقال والد علية: على أيامنا كنا نتزوج مبكرين فنهنأ برؤية أولادنا وهم رجال مسئولون.
فحركت رأسي حركة تنم عن الحسرة وأنا أقول: تلك أيام خلت، أما هذه الأيام فهي منحوتة من العسر والصخر.
فمال نحوي قليلا ثم قال بصوت كالهمس: ابن الحلال ثروة في ذاته، وعلى الأمناء من الناس أن يذللوا له العقبات. •••
يا له من وجه مكفهر. كان قد انتبه إلى اقترابي من معرضه وأنا على بعد خطوتين منه فسرعان ما اكفهر وجهه. رماني بنظرات غاضبة حتى عجبت لشأنه. ثم تساءل متهكما دون أن يقدم لي الجريدة كعادته كل يوم: لم أخفيت عني أنك عشقتها؟
Неизвестная страница