От вероучения к революции (4): Пророчество – Воскрешение
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Жанры
ومعظم الروايات عن آخر الزمان إنما تعبر عن الأمل في المستقبل والثقة بالنصر، تعويضا عن ضعف الحاضر وهزائمه. فإذا ما ظهر في القدس أو حتى داخل العالم الإسلامي، فإنه يحرر الأرض ويقضي على مظاهر القهر، ويعيد توزيع الثروة، ويوحد الأمة، ويقضي على التغريب، ويقاوم التخلف، ويجند الجماهير، كل ذلك تعبيرا عن تطلعات المسلمين اليوم.
سادسا: وقوع النبوة
بعد الحديث عن إمكانية النبوة يأتي وقوع النبوة بالفعل. وما يهمنا هو وقوعها في المرحلة الأخيرة التي تتضمن من قبل وقوعها في المراحل السابقة، فالنهاية تدل على البداية في حين أن البداية لا تدل على النهاية. الحديث الأول مجرد حديث في الإمكانيات النظرية وعدم الاستحالة العقلية، في حين أن الحديث الثاني هو نقل لما وقع بالفعل، وتناول لموضوع تاريخي، بالإضافة إلى صحة نقله، بالرغم من هذا الوقوع إلا أنه يمكن أيضا وجود أدلة عليه، إما الأخبار منها في كتب الأنبياء السابقين، أو أحوال النبي قبل البعثة، أو المعجزات بالمعنى القديم، أو الإعجاز بالمعنى الجديد. (1) أخبار الأنبياء السابقين
إذا كانت كل مرحلة تؤدي إلى المرحلة التالية، فإن هذا التطور يكون مخبرا عنه؛ فالمرحلة السابقة تخبر عن قدوم مرحلة لاحقة؛ فالدليل على خاتم النبوة هو إخبار كل نبي سابق بما سيتلوه من تنبؤات وما يتبعه من أنبياء. والحقيقة أن هذا الدليل ليس حاسما من حيث الواقع وإن كان مقبولا نظرا؛ فدقة الوصف بالمكان والزمان والتعيين والاسم قد لا يكون دليلا على الصدق، بل قد يكون دليلا على الكذب، كما هو الحال في بعض الكتب السابقة، مثل إنجيل يوحنا الذي يكثر من هذه التفصيلات للإيهام بالصحة التاريخية؛ فتفصيلات الإطار حتى ولو طابقت الواقع قد لا تعني صدق الواقعة. وماذا لو كان النص السابق محرفا ومبدلا في نصوص لم تثبت صحتها تاريخيا؟ وماذا لو كان النص موضوعا وكثير من النصوص قد تم وضعها بعد حدوث الواقعة إسقاطا من الحاضر على الماضي؟ وماذا لو كان النص الأصلي محذوفا أو منقوصا من أجل تزييف الوقائع والطعن في شرعيتها؟ وماذا لو كان النص مؤولا بحيث ينطبق على الواقعة بعد حدوثها ولا يشير إليها؟ وماذا لو كان النص بغير ذي دلالة، ثم تحدث الواقعة فتجعل النص دالا، بل وتخلق فيه دلالته قصدا بعد أن كانت الدلالة بالمصادفة؟ وكيف يمكن الاستدلال بالمراحل السابقة وهي منسوخة، خاصة إذا جاز النسخ في الأخبار جوازه في الأمر والنهي، وإذا جاز في العلم جوازه في الإرادة؟ وهل من الضروري أن تعلمه المراحل السابقة وتخبر عن قدوم مرحلة لاحقة، أم أن ذلك يتكشف من الموضوع ذاته من خلال علاقة داخلية؛ علاقة الوسيلة بالغاية، أو العلة بالمعلول، أو المقدمة بالنتيجة، أو الافتراض بالقانون؟ ولا يدخل هذا الإخبار ضمن المعجزات؛ لأنه ليس خرقا لقوانين الطبيعة، ولا نقضا لمجرى العادات.
1
ولن يقنع الإخبار به إلا أصحاب الدين الجديد الذين آمنوا بالمراحل السابقة، وقدروا على تجديد الدين. أما الأمم الأخرى التي لم تبلغها المراحل السابقة، أو التي بلغتها وأصرت على المحافظة على دين الآباء، فيظل الإخبار بالنسبة لهؤلاء بغير ذي دلالة، كما أن مجرد الخبر هو إيمان بالرواية دون العقل، والرواية ظنية طبقا لنظرية العلم؛ ومن ثم يصبح وقوع النبوة معتمدا على إخبار الأنبياء السابقين ظنيا خالصا. (2) أحوال النبي قبل البعثة
هل يمكن اعتبار أحوال النبي قبل البعثة دليلا على وقوعها وإثباتا لها؟ إن معظم ما ينقل عن ذلك إنما يأتي أيضا من الأخبار، وليست السابقة التي تنتهي إليه بتحقق النبوة، بل اللاحقة عليه التي تقص من أخبار الماضي، وهي في غالبها أخبار آحاد لا تفيد إلا الظن، والمتواتر منها أيضا بمفرده لا يفيد إلا الظن، طبقا لنظرية العلم؛ لاحتياج الدليل النقلي إلى دليل عقلي ولو واحد. وكثير من هذه الأخبار قد وضعت بعد البعثة، إسقاطا من الحاضر على الماضي؛ فبعد ظهور العبقرية يتم الحديث عن بوادرها، وبعد وقوع النبوة يتم اكتشاف إرهاصاتها. وغالبا ما كانت في كتب السيرة تبجيلا للرسول، وتعظيما للنبي من أجل جعله فوق مستوى البشر، متفردا بالوقائع، مصطفى بالصفات. وعلم السيرة ليس علم أصول الدين؛ الأول نقلي خالص والثاني نقلي عقلي، تكفي في الأول الحجج النقلية في حين أنها تظل في الثاني ظنية، ولا تتحول إلى يقينية إلا بحجة عقلية ولو واحدة، طبقا لنظرية العلم في المقدمات النظرية الأولى. ولو كانت معجزات قبل البعثة فإنها لا تدل على البعث؛ لأن هذه المعجزات قد وضعت قبلها. وتكون المعجزة دليلا على صدق النبوة إذا كانت مقارنة لها، لا قبلها ولا بعدها. وإذا كان الرسول لا يكون كذلك قبل البعثة، وهو مجرد إنسان عادي، لا نبيا ولا رسولا قبل البعثة، فكيف تظهر عليه أحوال غريبة؛ كرامات أو معجزات؟ وإذا كانت هذه الأحوال مجرد كرامات قبل البعثة ومعجزات بعد البعثة، فهل ننتظر من الأولياء الذين تظهر عليهم الكرامات أن يتحولوا إلى أنبياء فيما بعد؟ ليست المعجزات قبل البعثة مقدمات لتلك التي تقع بعدها؛ فالمعجزة لا تحتاج تقديما بمعجزة أخرى، أو تصديقا لما سيأتي بعدها من معجزات، وإلا لتسلسل الأمر إلى ما لا نهاية، وظهرت ضرورة معجزة أولى صادقة بذاتها لا تحتاج إلى معجزة أخرى قبلها. وإن حياة النبي قبل البعثة جزء من حياته الخاصة وليست العامة.
وقد تقسم أحواله قبل البعثة إلى أمور في ذات الرسول، وإلى أمور في صفاته، وإلى أمور خارجة عنه؛ فالأمور التي في ذاته مثل النور الذي كان يتقلب في آبائه إلى أن ولد، وهي حتما صورة مجازية للخير والحق والعدل، والنور صورة إلهية ولغة النبوة في الديانات القديمة. والتقلب في الآباء إحدى صور التناسخ، أو أحد مظاهر حلول الأبوة في البنوة في الديانات القديمة أو الفرق الكلامية . وهو ضد التصور الإسلامي الذي يجعل المسئولية فردية، بما في ذلك النبوة التي لا تورث ولا تورث بنص الوحي.
2
وكيف يتولد النور في آباء النبي ولم يكونوا مهتدين بعد بما في ذلك الجد والعم؛ الأقرباء المباشرون الذين رأوا الرسول قبل البعثة، أو الذين بلغتهم البعثة وهم أحياء. أما إن كان في ولادته مختوما مسرورا، نزل واضعا إحدى يديه على عينيه والأخرى على سوأته، فذلك تقابل الخير والشر، النور والظلمة، فاليد على العين حماية لها من النور، واليد على السوأة تغطية لها. فالرسول خير وليس به شر، وهو ما يضاد المألوف في الولادة؛ فالجنين لا يتحرك إراديا ولا يعرف مكان عينيه من سوأته، وربما يكون مغمض العينين من دماء الرحم، والسوأة إدراك اجتماعي ينشأ بالتربية، وقد يكون ذلك تغطية لموضع الوطء في مجتمع يسوده الشذوذ الجنسي ووطء الولدان. أما أن يكون خاتم النبوة بين كتفيه، فهو تحويل المعنى إلى شيء؛ فالختم هو النهاية وليس الخاتم، كما هو واضح في «وختامه مسك». وكيف يدخل الخاتم رحم الأم؟ وهل يكون في الأصبع أم بين الكتفين؟ وكيف يقبض الجنين عليه ولا يقع؟ وما حجم الخاتم وشكله ومعدنه؟ وكيف لم يرفض جسد الأم الجسم الغريب منه؟ أما أن تطول قامته عند الطويل وتتوسط عند الوسيط، فذلك يدل على أن رؤيته ذاتية خالصة، وأنه يبدو على أحسن وجه طبقا لتصور الرائي، وأن الذات هي التي تخلق الموضوع، وأن الإنسان يرى العالم على شاكلته، وكما يهوى ويرغب؛ فالمسيح عند الأسود أسود، وعند الأبيض أبيض، والرسول عند الطويل طويل وعند القصير قصير. أما الرجم بالنجوم عند قرب بعثته، وكون ذلك سبب إسلام قوم من الكهنة، فهو إدخال لعنصر الطبيعة في النبوة؛ فالطبيعة أيضا تشعر بالنبي وتتنبأ به وتتهيأ له؛ ولذلك نموذج في الإنجيل بتنبؤ ملك المجوس بولادة المسيح بالنظر إلى النجوم. والنجم في التصور القديم جسم لطيف منير، له روح وعقل ونفس وحياة؛ وبالتالي فهو صادق فيما يخبر به.
Неизвестная страница