От вероучения к революции (4): Пророчество – Воскрешение
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Жанры
22
وإن إثبات حدوث العالم أو قدمه إنما موضوعه نظرية الوجود في المقدمات النظرية الأولى، وإنما المكان هنا لإثبات إعادة المعدوم وحشر الأجساد أو إنكارهما.
ويتم إنكار الإعادة ضرورة أو استدلالا. فالضرورة تقوم على أن تخلل العدم بين الشيء ونفسه محال؛ وبالتالي يكون الوجود بعد العدم غير الوجود الذي قبله، ولا يكون المعاد هو المبدأ بعينه. وأما الاستدلال فإنه يقوم على ثلاث حجج: الأولى أن الشيء بعد عدمه نفي محض، ولا تبق هويته أصلا، فلا يعود، والمحكوم عليه متميز عن غيره، والمتميز ثابت غير معدوم؛ فالمعدوم لا يمكن إصدار الحكم عليه بإعادته؛ لأنه أساسا غير موجود، وإصدار الحكم لا يكون إلا على موجود متميز، كما أن الحكم بأن المعاد عين الأول يستدعي تميزه حال العدم، وهو محال. والثانية أن إعادة المعدوم بتقدير وقوعه لا يتميز عن مثله؛ وبالتالي تبطل الإعادة للشيء الفردي. ولماذا الإعادة بعينها والله قادر على إيجاد مثله مستأنفا؟ وفي هذه الحالة، لا يتميز العادي من المستأنف، وتلزم الاثنينية بلا امتياز، وهو محال. والثالثة أنه لو أعيد المعدوم لتمت إعادته والأول معه؛ وبالتالي يكون مبتدأ، وهو تناقض؛ لأن الإعادة ثانية، وليست أولا. وإذا كان المعاد معادا بجميع عوارضه ومنها الزمان، فلا يكون الوقت الأول معادا ثانيا، وإلا كان خلفا.
وقد يأتي الإنكار من أن الإعادة كلها من عمل الوهم، وأن الهلاك إنما يعني التقابل لكل ممكن، وأن ذلك يتطلب إعدام الجنة والنار، وأنه يستحيل إعادة المعدوم.
23
ويستمر إنكار الحالة الخاصة، وهي حشر الأجساد، بحجج جديدة مستمدة من حجج المبدأ العام، وذلك مثل قدم العالم؛ وبالتالي يستحيل الحشر، أو إن الجنة والنار إما في هذا العالم أو في عالم آخر، وإذا كانتا في هذا العالم فإما أن تكونا في عالم الأفلاك أو في عالم العناصر، والأول ليس فيه فساد ولا فناء ولا ألم؛ وبالتالي لا إعادة له؛ لأنه باق، والثاني يوجب التناسخ. ويستحيل في عالم آخر؛ لأنه لا وجود للشكل الكروي خارج العالم. وقد تكون الحجج أكثر حسية بعيدة عن موضوع العالم، مثل لو أكل إنسان إنسانا، وأصبح المأكول جزءا من الآكل، فكيف يعود المأكول؟ وهل إذا عاد الآكل يعود المأكول ضرورة؟ وهل يكون المأكول إذا عاد فردا مشخصا؟ وإذا كان القصد من الحشر الإيلام أو الإلذاذ، فالإيلام لا يصح من الحكيم، والإلذاذ باطل لورود العقاب.
24
والحقيقة أنها في معظمها حجج صورية طبيعية ميتافيزيقية للإنكار، يرد عليها إما بحجج مثلها، أو بحجج أخرى تعتمد على التجربة الإنسانية. فالإعادة أسهل من الابتداء، والقادر على الأول قادر على الثاني بطريق الأولى. وقد يؤدي إنكار الإعادة وحشر الأجساد إلى القول بوجود أبعاد وامتدادات لا متناهية لضرورة وجود أجسام لا تتناهى؛ وبالتالي القول بقدم العالم؛ مما ينافي القول بالحدوث، وهو ما يحيل إلى نظرية الوجود من جديد في المقدمات النظرية الأولى. ولكن قد تئول الإعادة مع حشر الأجساد بأن الغاية منها ليست العقيدة النظرية التي تطابق واقعة مادية يمكن معرفتها بالعلمين الطبيعي أو الإلهي، بل الغاية منها عملية صرفة؛ فالإعادة وحشر الأجساد الغاية منهما الترغيب والترهيب، وحث الناس في حياتهم على العدل، وإبعادهم عن الظلم؛ حتى يصلح حالهم في الدنيا. وتأويل أمور المعاد على هذا النحو مثل تأويل الصفات؛ فالغاية من العقليات والسمعيات واحدة، وهي توجيه النفس في الدنيا، وليس إعدادهم للآخرة. أما حجة الاحتياط فهي رهان على الحشر، حتى إن خسر الإنسان في حالة عدم وقوعه لا يخسر شيئا، وإن كسب في حالة وقوعه فإنه يكسب كل شيء. وهناك تكون الحياة مقامرة، والعقائد رهانا، الغاية منها أيضا المكسب العملي في الدنيا؛ فحساب الآخرة إنما يتم تحصيله في الدنيا؛ فلا وجود ليقين نظري في أمور المعاد، إنما اليقين عملي خالص.
25
وكأن القرآن من قبل قد جادل المنكرين للحشر كما يجادل المتكلمون الفلاسفة؛ وبالتالي دخل الموضوع في علم العقائد من مناقشتين تاريخيتين؛ الأولى في بداية الحضارة في أصل الوحي، والثانية بعد اكتمالها.
Неизвестная страница