От вероучения к революции (4): Пророчество – Воскрешение
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Жанры
ولكن هل يمكن ثبوت المعاد الجسماني فقط وإنكار النفس الناطقة؟ إن إنكار النفس الناطقة عادة ما يكون نظرة مادية لا تقول بإعادة شيء، بل بفناء المادة أو بقائها دون القول بالوجود أو البقاء من عدم. وما الفائدة من القول بالمعاد الجسماني دون نفس، والنفس هي مصدر حياة البدن وشرط الإدراك والإحساس بالثواب أو بالعقاب؟ كيف تعود الأجسام دون إعادة الحياة إليها، والنفس إنما تعني هذه الحياة في الأبدان؟ ومع ذلك يمكن إثبات المعاد الروحاني دون المعاد الجسماني، وذلك بعد إثبات تميز النفس عن البدن ، وبقائها متجردة عنه بعد فناء البدن. وفي هذه الحالة لا حاجة إلى إحياء الأبدان، ولا يكون الثواب والعقاب جسمانيا، بل يكونان روحانيين خالصين. والحل الثاني أي إثبات المعاد الروحاني رد فعل على الحل الأول، وهو إثبات المعاد الجسماني. أما إثبات المعادين معا، الجسماني والروحاني، فهو يجمع بين الاثنين كنتيجة طبيعية لتلافي عيوبهما، وتأكيدا لمقتضيات الشرع ولحكمة الإشراق.
10
وقد يسبب ذلك رد فعل في إنكار المعادين معا؛ وبالتالي يكون الحل الرابع رد فعل على الحل الثالث، كما كان الحل الثاني رد فعل على الحل الأول. أما التوقف عن الحكم في الكل فلصعوبة الحكم على النفس؛ هل هي المزاج المرتبط بالبدن؛ وبالتالي يستحيل إعادتها مع فناء البدن؟ هل هي جوهر باق بعد فساد البنية؛ وبالتالي يمكن القول بالمعاد الروحاني؟ فإذا كان لا يجوز إعادة المعدوم نظرا لأنه لا شبهة في انعدام الجسم، فإن التردد يكون في انعدام النفس؛ وبالتالي التردد أيضا في الجزم ببقائها. وبالرغم من أن هذا الحل الخامس في مصدره التاريخي الأول من خارج الحضارة، إلا أنه طبقا للبنية العقلية، وبعد التعرف عليه وعرضه على العقل، أصبح جزءا من نسق الحلول، خاصة وأن التوقف عن الحكم أحد الحلول المتبعة ذاتيا في داخل الحضارة في عرض مسائلها الخاصة.
11
فهل الإعادة واجبة؟ وإن كانت واجبة، هل هي واجبة بالشرع أم بالعقل؟ وإن لم تكن واجبة بالشرع، فهل هي جائزة بالعقل؟ وإذا كان الحق هو المعاد الجسماني مطلقا، فهل يكفر المنكرون لحشر الأجساد؟ إن الوجوب الشرعي يصطدم بالرواية والسمع الظني، والظن لا يكون أساسا للوجوب؛ نظرا لجواز ضعف السند وتأويل المتن، والوجوب العقلي في حاجة إلى براهين يقينية من الحس والمشاهدة. لم يبق إذن إلا الجواز الشرعي أو العقلي. ولما كان العقل أساس النقل، يكون الجواز عقليا بالأساس. وإذا كان الابتداء ممكنا، فالإعادة تكون أيضا ممكنة؛ لأن الإعادة مشروطة بالابتداء، والابتداء شرط الإعادة. ولكن في الواقع، وبصرف النظر عن الحجج العقلية، يعتمد الجواز العقلي على تحليل التجارب البشرية، مثل الرغبة في مقاومة الموت ، وتجاوز الفناء، والقصد نحو البقاء.
12
فالإعادة صياغة نظرية لتجربة إنسانية تريد الإبقاء على الماضي حاضرا ومستقبلا؛ حتى ينكشف الحق، ويظهر العدل. وما الزمان ذاته إلا مرآة للخلود. ويحيل أقل الزمان إلى كل الزمان بالضرورة. أما الوجوب العقلي فإنه لقانون الاستحقاق، ثواب المطيع وعقاب العاصي، وهو قانون عام بصرف النظر عن أوجه تحققاته وتشخيصها، بإعادة المعدوم وحشر الأجساد والحساب واليوم الآخر والجنة والنار.
وإذا كانت الإعادة للأجسام، فهل تكون للجواهر أم للأعراض أم لكليهما معا؟ وهو مبحث ميتافيزيقي صرف، يعود إلى نظرية الوجود في المقدمات النظرية الأولى،
13
بل وتغلب عليها المباحث الطبيعية في الجواهر والأعراض وأنواع الأعراض وأجناس الحركات والتقديم والتأخير، مما يخرج الموضوع من مستواه الإنساني، وهو الرغبة في مقاومة الموت والاتجاه نحو الخلود، إلى مستواه الطبيعي أو الميتافيزيقي الصوري الخالص.
Неизвестная страница