От вероучения к революции (4): Пророчество – Воскрешение
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Жанры
6
إن الولاية والعداوة على هذا النحو ضد الشرع والعقل معا؛ فكثيرا ما يتغير حكم الشرع طبقا لأفعال الناس وانتقالهم من الإيمان إلى الكفر، أو من الكفر إلى الإيمان، كما أن الرضا والسخط من الله تابعان لأفعال الإنسان ومتغيران بتغيرها. ولا ينال ذلك من شمول العلم الإلهي؛ لأن تغير الأحكام الشرعية طبقا للأفعال موجود في العلم الإلهي، فهو علم ثابت بالتغير.
7
إن الولاية والعداوة ممكنان بعد حال الإيمان والكفر، وبعد أفعال الحسن والقبح، كنتيجة وليس كمقدمة، كنهاية وليس كبداية. وإن كل وضع للولاية والعداوة في البداية لهو إنكار لقيمة الفعل ولقانون الاستحقاق؛ تبريرا لأفعال الحاكم اللامشروطة، والذي يرعاه الله بولايته، ويحفظه بالعداوة لأعدائه.
8 (2) البشارة
كما أن الموافاة لا تحدث في الدنيا قبل الأفعال وإلا كانت قضاء على الحرية، ولا في الآخرة وإلا كانت خرقا للاستحقاق، فكذلك البشارة؛ فالبشارة حكم مسبق على الأفعال قبل اكتمالها، وقبل انقضاء العمر، وقبل نهاية الزمان؛ هي تثبيت للحكم بالرغم من سريان الفعل. والحقيقة أن الأحكام تالية للأفعال، وليست سابقة عليها. وإذا كانت البشارة نوعا من إثبات التخصيص والاستثناء، فكيف يمكن إثباتها وفي الوقت نفسه رفض التخصيص في الوعيد؟
9
الفرق بينهما في الإغراء؛ فالتخصيص في الوعيد إغراء على فعل القبائح، لكن البشارة ليست كذلك، ولا أيضا إغراء على فعل الحسنات؛ لأن المبشرين معلومون بأسمائهم وصفاتهم في بدايتهم، وإن كانوا في النهاية يصلون إلى عامة الناس. يبدءون بالعشرة، ثم يصبحون أهل بدر، ثم أهل أحد، ثم أهل بيعة الرضوان بالحديبية، ثم سبعين ألفا من الأمة يتسع كل منهم في سبعين آلفا آخرين، وفيهم أشخاص بعينهم إن لم يكن واحدا بعينه، وكأنه يساويهم كلهم! وربما يتسع الأمر، فيبلغ كل من بلغته دعوة الإسلام؛ وبالتالي تذهب الأمة كلها إلى الجنة، بشرى للجميع، ويضيع الاستحقاق. وبعد أن يعين الرسول ضمن العشرة الأوائل وهو الذي بشر بهم، قد يدخل في ذلك أيضا آل البيت نساء ورجالا، ممن ظلموا قهرا وعنوة، وممن استشهدوا مقاومة للظلم ودفاعا عن الحق؛ وقد يدخل في ذلك زوجات الرسول، بالرغم من نقد الوحي لهن، واشتراك إحداهن في الحرب وسفك الدماء، خاصة وأن الفريق المختار لم يكن هو أصوب الفرقاء. وماذا لو كان في العشرة المبشرين بالجنة أغنياء القوم في مجتمع أغلبيته من الفقراء؟ وماذا لو كان فيهم من اعتزل الفتنة حتى لا يزاد من سفك الدماء، لا نصرة للظالم، ولا دفاعا عن المظلوم؟ وهل يمكن تعيين المبشرين بالجنة بالاسم، سواء كانوا عشرة، أم ثلاثمائة، أم سبعين ألفا؟ وماذا لو تغير فعلهم بعد البشرى؟ هل تظل البشارة حكما؟ أليس في ذلك أيضا حكر على الإرادة الإلهية؟ ألا يعطي ذلك نوعا من الرخصة في فعل أي شيء حلالا كان أم حراما ما دام الحكم قد صدر؟ ربما يكون الهدف من ذلك هو الإعلاء من شأن الأعمال العظيمة، مثل الشهادة والتضحية بالنفس والوجود في الطلائع والتصدي للمخاطر ونصرة الحق والمحافظة على وحدة الجماعة. ومع ذلك فهي كلها أفعال استحقاق، وليست أفعالا ضد الاستحقاق، بل إن الأنبياء أنفسهم أيضا يخضعون لقانون الاستحقاق، إنما يدخلون الجنة بأفعالهم. وفي النهاية لا يمكن للرواية بنفسها أن تستقل في تأصيل النظر؛ فالمبشرون بالجنة رواية تصطدم بقانون الاستحقاق دواما وشمولا، وطبقا لنظرية العلم الرواية ظن والعقل يقين.
10
كما يتضح أن المبشرين بالجنة هم عادة أهل السلطة ودعاة السلطان، في حين أن المبشرين بالنار هم أهل المعارضة ودعاة الثورة الذين سموا أهل الأهواء، ومعظمهم من الفرق المعارضة. وما أسهل من قيادة العامة من المبشرين بالجنة، ومن حصار المعارضة باتهامها بأنها من أهل النار تنفيرا للعامة منهم، خاصة وأن العامة من أهل الجنة ومن المبشرين بها مع أهل السلطان سواء بسواء. فإن لم تكن هناك بشارة، فهناك على الأقل القطع بإيمان البعض مثل الملائكة أو الأنبياء؛ لأنهم مختوم لهم بالإيمان، ومشهود لهم بالعصمة. والحقيقة أن الاستحقاق لا يكون إلا للمكلفين من البشر، لا ينطبق إلا على الإنسان الذي حمل أمانة التكليف، والنبي كذلك. أما غير البشر من الملائكة والجن فلا ندري عنهم بالعقل شيئا.
Неизвестная страница