От вероучения к революции (4): Пророчество – Воскрешение
من العقيدة إلى الثورة (٤): النبوة – المعاد
Жанры
33
لذلك انقسمت التوبة إلى حق الله وهو الجانب المعنوي، وإلى حق البشر وهو الجانب المادي الذي ترد فيه المظالم.
34
والثاني الندم على ما فات. والندم فعل شعور يتعلق بفعل واقع خرج على مبدأ عقلي وعلى بناء واقعي، ويتضمن جانبي الفعل المعنوي والمادي، ويكون مصاحبا بالتألم والأسى والحزن على ما وقع من معاص؛ لذلك كانت التوبة تقع من فعل مضى، وليس من فعل مستقبل؛ فالمعصية لا يعقد العزم على إتيانها في المستقبل مقرونة بالتوبة منها؛ فذاك سوء نية. ويمكن للندم أن يتجدد كالتوبة، وكلما تجدد زالت آثار المعصية من النفس، وانتزعت من جذورها وآثارها.
35
وهو فعل عاقل يتم به إدراك وجه القبح في الفعل الماضي، ووجه الحسن في الفعل الحاضر والمستقبل، في الفعل الجديد. وقد يظهر الندم في صورة الاعتذار كفعل من أفعال اللسان أو الشعور. والاعتذار هو إصدار حكم خلقي على النفس أمام الآخر مع رد المظالم، وإرجاع الحق إلى أصحابه، وهو فعل فردي في حق من وقعت الإساءة في حقه؛ من فرد إلى فرد، ومن فعل لفعل. وإن وقع للجماعة فالاعتذار يكون لها، وهو فعل طبيعي ناتج عن الندم، يسقط بموت المساء إليه؛ وبالتالي يخالف البدل والعوض العجلين في الدنيا.
36
والثالث العزم على عدم العودة إلى الفعل المسيء في المستقبل. والعزم من أفعال القلوب والجوارح، نية وفعلا، وهو آخر فعل في التوبة؛ فترك الزلة في الحال والندم وحدهما لا يكفيان لإتمام فعل التوبة دون التزام شعوري وفعلي في الزمان؛ فترك الزلة في الحال وحدها كفعل وقتي غير ممتد في الزمان لا يكون توبة، والندم وحده دون أن يكون مصاحبا للعزم على أمثال ما ندم عليه في المستقبل لا يكون توبة.
37
وتتجدد التوبة أكثر من مرة، حتى ولو عاد الفعل بعد عقد العزم، بشرط توافر الشروط الثلاثة في التوبة الأولى. التوبة فعل متجدد بتجدد الأفعال وتغير المواقف وتوتر الإنسان، في موقف يجمع بين الحرية والضرورة؛ بين الاختيار والحتمية. وإن الخوف من التوبة الثانية هو فقدان التوبة لمضمونها، فتصبح فعلا آليا يضمن به الإنسان تجاوز المعصية. أما إذا توافر حسن النية فتجديد التوبة نتيجة طبيعية لتجديد الفعل. وقد تكون التوبة عن ذنب بعينه، في أضعف الأحوال، وهي التوبة الجزئية، وقد تكون عن كل الذنوب، وهي التوبة الشاملة، وهي أحسن الأحوال. التوبة الجزئية ينقصها خلوص النية، ولا تسد كل ثغرات تسرب الطاقة على الأفعال، في حين تكون التوبة الشاملة أكثر قدرة على تجديد الشعور كله، وليس فعلا واحدا بعينه، بحيث يعاد بناء الوجود الإنساني كله من جديد، نظرا وعملا، تصورا وسلوكا.
Неизвестная страница