От вероисповедания к революции (1): Теоретические предпосылки

Хасан Ханафи d. 1443 AH
175

От вероисповедания к революции (1): Теоретические предпосылки

من العقيدة إلى الثورة (١): المقدمات النظرية

Жанры

21

ويعتمد إثبات العدم على سببين. الأول: أن المعدوم متميز وأن كل متميز ثابت. والحقيقة أن العدم نفي كالممتنعات والخيالات وليس ثابتا. والثاني: أن المعدوم متصف بالإمكان وأنه صفة ثبوتية. والحقيقة أن الإمكان ليس ثبوتا، بل مجرد إمكانية وجود. كما يعتمد على حجة دينية خالصة مؤداها أن المعدوم في الأزل ليس «الله» وهو غيره، والغيران شيئان! والحقيقة أن ذلك كله من عمل الخيال فلا يوجد أزل كواقع وشيء، ولا يوجد «إله» مغاير له؛ فهذه كله افتراضات مسبقة وتمرينات عقلية لتأصيل العواطف الدينية التي تعبر عن نقص في التعقيل وعن ضعف في الوعي الاجتماعي، وعن قصور في رؤية الواقع. ويعتمد نفي العدم على حجج صورية منطقية مثل أن الثبوت أمر زائد على الذات والعدم ليس كذلك أو أن العدم أقل تناهيا من الوجود أو أن العدم قبل الوجود صفة نفي أو أن العدم صفة نفي أو أن العدم زوال للتمايز، وكلها تنزع العدم من مجرد موقف شعوري إلى إثبات وجود موضوعي له. فالإثبات والنفي حكمان منطقيان، والعدم غياب وجود وليس أقل منه تناهيا. الإثبات أعم من الوجود والنفي أعم من العدم. في الإثبات والنفي صدق وكذب واتساق وتناقض لا وجود لهما في الوجود والعدم؛ لذلك انتهى جمهور المتكلمين إلى أن القول بثبوت المعدوم ينفي المقدورية؛ أي قدرة الفعل على التغير وعجزه أمام العدم وافتراض العدم أساس الوجود، والوجود قائما عليه. ولو كان العدم ثابتا لانتفت القدرة التي تريد تحويل العدم إلى وجود ولكان العدم واجبا لا يمكن تغييره وتحويله إلى وجود ممكن أو إمكان وجود. ولو ثبت المعدوم لكان أعم من النفي وأقوى منه؛ وبالتالي استحال رفضه أو تحويله إلى وجود أي إلى أساس. المعدوم ليس شيئا وإلا خشي منه الناس وأثبتوه عجزا عن مقاومته، وسلموا به ضعفا وخورا، يأسا واشمئزازا، كرها للنفس وللآخرين، وبصاقا على العالم. لا يمكن أن تكون للمعدومات الممكنة قبل وجودها ذوات وأعيان وحقائق، فهذا إيهام للناس بوجود المعدومات كحقائق، بل هو غياب الوجود ونقص الهبة وضعف الفعل وتخاذل الناس على تحقيق الوجود. الذوات في العدم معراة من الصفات ولا توصف بصفات الأجناس لأنها ليست وجودا مثل الحياة أو الجواهر أو الأعراض.

22

إن خطورة إثبات المعدوم هو العدم على نفس درجة الوجود كالوجود، وبالتالي إعطاء العدم وجودا يصعب نفيه، وهو نوع من التشاؤم والاعتراف بالأمر الواقع والاستسلام للهزائم كما هو الحال في «الوعي الأوروبي» المعاصر وفي فلسفات القدماء عند المانوية خاصة، بل وفي الديانة المسيحية بفعل الخطيئة الأولى.

23

العدم ليس وجودا، بل هو مجرد غياب أو نقص، الأصل هو الوجود، والعدم طارئ عليه، الوجود حضور والعدم غياب. الوجود ملاء والعدم خلاء، الوجود عطاء والعدم غثيان، الوجود انفتاح والعدم انغلاق، الوجود حياة والعدم موت؛ ومن ثم يستحيل وجود العدم. «وإنما بقاء الباطل في غيبة الحق عنه.»

24

وإذا كان الدافع عند قدماء الأشاعرة لنفي كون العدم شيئا هو وجود «الله» القادر على كل شيء، على نفي الوجود والعدم على السواء، فلا الوجود ولا العدم ثابتان، فإن الدافع لدينا هو القدرة المتولدة عن نفي كون العدم شيئا على تحريك الشعوب والثقة بالنفس وتغيير الواقع ورفض الاستسلام وما يبعثه في الروح من تفاؤل وأمل، وما يثيره في النفس من خيال على الإتيان بالمستحيلات. إن إثبات كون العدم شيئا يحول الغياب إلى حضور، والعدم إلى وجود، والاستثناء إلى قانون. المعدوم ما لا تحقق له في نفسه وهو المنفي، أو له تحقق وهو الثابت؛ فالعدم أخص من النفي، العدم مجرد نفي ولا يوجد نفي له تحقق يكون عدما ثابتا. الاحتلال غياب للاستقلال، والطغيان غياب للحرية، والرأسمالية غياب للاشتراكية، وسلبية الجماهير غياب لنشاطها، والتخلف غياب للتقدم، والتجزئة غياب للوحدة، والتغريب غياب للهوية، فالوجود استقلال وحرية واشتراكية وتقدم ووحدة وهوية وتجنيد للجماهير، وما دون ذلك مجرد طارئ عرض حادث أي مجرد عدم. هناك وجود ولا وجود. والعدم هو اللاوجود، أي إنه ليس وجود عدم بل عدم وجود. العدم طارئ نتيجة لغياب الوجود. الأصل هو الوجود وغيابه عدم. العدم غياب وجود وليس وجود غياب.

ولكن هل المعدوم شيء؟ وماذا يعني الشيء؟ لقد استطرد القدماء في وجود العدم ومعرفة نوعية وجوده صوريا منطقيا أو ماديا حسيا.

25

Неизвестная страница