От учения к революции (5): Вера и действие - Имамат
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Жанры
27
وتتمثل خطورة العلم والتعليم في اعتباره حكرا على فئة معينة هي المتصلة بالإمام بعد أن كان مشاعا للجميع، بل لا يحق لأحد سوى الأئمة الاطلاع عليه، ولا يجوز لأحد أن يرتفع إلى درجة الإمام حتى يمكنه الاطلاع على العلم؛ لأن الإمام من عصب الإمام الأول. فالعلم حكر على عصب. كيف وقد يخرج الابن جاهلا أو معتوها من أب عالم أو ملهم؟
28
كما يؤدي ذلك إلى إنكار العلم مطلقا لما كان العلم متوارثا وليس كسبا واجبا على كل مكلف. والعلم الضروري منه أيضا ما هو شائع وموجود في كل عقل وفي كل طبيعة بشرية، ولا يمكن توريثه، والنبوة ذاتها لا تورث. العلم المتوارث مضاد بطبيعته للعلم المكتسب وقصر المعرفة على السلالة والأنساب، في حين أن مصدر المعرفة هو الواقع ذاته الذي استمد منه الوحي محاولا تنظيره.
29
وإذا كان العلم سرا فإنه لا يمكن لأي أحد فهمه، ولا بد من انتظار الإمام حتى يكشف له ما غمض عنه من العلم، ويظل الإنسان يجهله، فليس لديه ما يستطيع به أن يعلم أو يعرف، في حين أن الوحي معطى للجميع لا سر فيه، بل إن مقولة السر مضادة بطبيعتها لمقولة الوضوح الذي يعبر الوحي عن نفسه من خلالها. وعادة ما تروج مجتمعات القهر لمقولة السر حتى لا يتساءل الناس، ولا يكشفوا أسباب القهر والاستغلال والزيف. ويفسر منع التساؤل عن الأمور النظرية التي لا تنتج عنها آثار عملية من أجل إرجاع الناس إلى العالم ومنعا للاغتراب عنه، على أنه منع للتساؤل على الإطلاق. مجتمعات السر هي مجتمعات الكبت والتحريم كما هو الحال في مجتمعاتنا المعاصرة القائمة على ثالوث محرم؛ الدين والسلطة والجنس، الكل لا يعلمه، ولا يجوز الاقتراب منه أو الحديث عنه إلا من قبل السلطة وريثة الإمام، وكل ادعاء لعلم سري هو وسيلة إنسانية لتغطية الجهل أو للتعمية، فلا تقوم ثورة على علم سري؛ لذلك كان التعليم وتثقيف الناس وتساؤلاتها حول المحرمات ومعارضتها للأسرار وكل طرق الاستنارة مضادة لنظم القهر، ووسيلة للقضاء عليها.
30
كما تؤدي صفة العلم والتعليم إلى التقليد؛ لأن الإنسان لا يستطيع بنفسه أن يعلم أو يفهم، بل لا بد من تقليد الإمام وانتظاره وسماع شرحه، في حين أن التقليد مدان شرعا وليس أصلا من أصول الدين، وأن النظر أولى الواجبات على المكلف؛
31
وبالتالي تغيب كل إمكانية للتحقق من صدق أقوال الإمام بإرجاعها إلى الوحي أو إلى العقل أو إلى الواقع، فتقبل أقوال الإمام بلا مناقشة أو اعتراض، ويؤخذ عليه العهد بالتسليم والطاعة والقبول. تغيب أية وسيلة لضبط العلم ومراجعته، فهو علم بلا برهان، في حين أن العلم هو طلب البرهان، وأن كل ما لا دليل عليه يجب نفيه، وأن الإيمان لا يكفي دون التصديق؛ فحقائق الوحي على مبادئ العقل ووقائع الحياة الإنسانية التي تكشف عنها التجارب الشعورية، الفردية والاجتماعية.
Неизвестная страница